للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَرِيمٌ مَتَى أَمْدَحْهُ أَمْدَحْهُ والوَرى ... جَميعاً ومَهْما لمته لمته وحدي١

أي لا أمدحه بشيء إلا صدقني الناس فيه٢.

ومنه ما يكونُ فيه بعضُ الكُلْفة على اللسان، إلاَّ أَنه لا يَبلغُ أن يُعابَ به صاحبه ويشهر أمره في ذلك ويفحظ عليه٣ ويزعمُ أن الكلامَ إذا سَلمَ من ذلك وصفَا من شَوْبِه٤، كان الفصيحَ المشادَ به والمُشارَ إليه٥، وأنَّ الصفاءَ أيضاً يكونُ على مراتبَ يعلو بعضُها بعْضاً، وأنَّ له غايةً إذا انتهى إليها كانَ الإِعجاز.

والذي يبطل هذه المشبهة، إن ذَهب إليها ذاهبٌ، أنَّا إنْ قَصرْنا صِفةَ "الفصاحةِ" على كَوْن اللفظِ كذلك٦، وجَعلْناه المراد بها، لزمنا أن نخرج "الفصاحةِ" على كَوْن اللفظِ كذلك، وجَعلْناه المرادَ بها، لَزِمَنَا أنْ نُخرج "الفصاحةَ" من حيِّز "البلاغةِ"، ومِنْ أنْ تكونَ نَظيرةً لها. وإِذا فعلنا ذلك، لم نحل من أجد أَمْرين: إمَا أنْ نَجْعَله العُمْدةَ في المفاضلةِ بينَ العبارتين ولا نُعرِّجَ على غيرِه، وإِمَّا أن نَجعلَه أَحدَ ما نُفاضل به، ووَجْهاً منَ الوجوه التي تَقْتضي تقديمَ كلامٍ على كلام٧.


١ البيت في ديوانه، وروايته عجزه: "معي، ومتى ما لمته"، وفي المطبوعة: "معي، وإذا ما لمته".
٢ شرح البيت من "س"، وحدها.
٣ "ويزعم" معطوف على ما قبله، انظر التعليق السالف ص: ٥٧، رقم: ٤.
٤ "الشوب"، الخليط الذي يكدر الماء وغيره.
٥ "أشاذ به"، أنثى عليه ورفع ذكره.
٦ في "ج": "إن اقتصرنا" وأسقط أيضًا "كذلك"، ففسد الكلام.
٧ في "ج": "تقدم كلام .... ".