للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن حابس١ إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالا: "يا خليفة رسول الله إن عندنا أرضاً سبخة٢ ليس فيها كلاً ولا منفعة، فإن رأيت أن تقطعنا لعلنا٣ نحرثها أو نزرعها، لعل الله أن ينفع بها بعد اليوم، فقال أبو بكر لمن حوله: "ما تقولون فيما قالا، إن كانت أرضاً سبخة لا ينتفع بها؟ قالوا: "نرى أن تقطعهما إياها، لعل الله ينفع بها بعد اليوم"، فأقطعهما إياه، وكتب لهما بذلك كتاباً، وأشهد عمر، وليس في القوم، فانطلقا إلى عمر يُشهدانه فوجداه قائماً يهنأ٤ بعيراً له، فقالا: "إن أبا بكر أشهدك على ما في هذا الكتاب فنقرأ عليك أو تقرأ؟ فقال: "أنا على الحال الذي٥ تريان، فإن شئتما فاقرءوا وإن شئتما فانظرا حتى أفرغ، فأقرأ عليكما قالا: "بل نقرأ فقرأ فلما سمع ما في الكتاب تناوله من أيديهما ثم تفل عليه فمحاه، فتذمرا، وقالا مقالة سيّئة، فقال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتألفكما، والإسلام يومئذ ذليل، وإن الله قد أعز الإسلام، فاذهبا فاجهدا جهدكما، لا رعى [الله] ٦ عليكما إن رعيتما"، قال: فأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمّران فقالا: "والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟! "، فقال: "لا، بل هو لو كان شاء"، قال فجاء عمر - وهو مغضب - فوقف على أبي بكر فقال: "أخبرني عن هذه


١ ابن عقال التميمي المجاشعي الدارمي، شهد فتح مكة، وحنيناً، والطائف، واليمامة، ودومة الجندل. وشهد مع خالد حروب العراق. وتوفي في خلافة عثمان رضي الله عنه. (الإصابة ١/٥٩) .
٢ السّبخة: محركة ومسكنة: أرض ذات نزّ وملح. (القاموس ص ٣٢٣) .
٣ في الأصل: (لعل) ، وهو تحريف.
٤ يهنأ: الإبل يهنؤها، مُثلثة النون، طلاها بالهِناء، أي: القطران. (لسان العرب١/١٨٧، القاموس ص ٧٢) .
٥ قوله: "الذي"، مطموس في الأصل، والتصويب من الهامش.
٦ سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>