للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان في ذلك سيف كسرى، فقال عمر: "الحمد لله الذي جعل سيف كسرى فيما يضره، ولا ينفعه، ثم قال: إن كسرى لم يزد على أن تشاغل بما أوتي من الدنيا عن آخرته، فجمع لزوج امرأته أو لزوج ابنته ولم يقدم لنفسه، ولو قدم لنفسه ووضع١ الفضول في مواضعها لحصل له"٢.

وقد حصل لعلي بن أبي طالب قطعة من بساط كسرى، فباعها بعشرين ألفاً، وكان قيد شبر في شبر٣.

ثم إن كسرى هرب من المدائن إلى حلوان، ووضع وراءه جيشاً كثيفاً، وأقسموا أن لا يفروا حتى يقتلوا العرب، فأرسل إليه سعد ابن أخيه هاشم في جيش بأمر عمر له ذلك، فسار إليهم فاقتتلوا قتالاً شديداً، فكانت وقعة جلولاء، وإنما سميت بذلك؛ لأن القتلى جللت الأرض. وغنموا قدر ما غنموا من المدائن، ثم بعث سعد بالخمس إلى عمر، وكان مع ذلك في جملة من قدم عليه زياد بن أبي سفيان٤، فسأله عن كيفية الواقعة فذكرها فأعجب عمر إيراده، وأحب أن يسمع المسلمون ذلك، فقال: "أتستطيع أن تخطب الناس"؟ قال: "نعم، إنه ليس أحد على وجه الأرض أهيب عندي منك، وقد سمعت كلامي فكيف لا أقوى٥ على أعظم من هذا مع غيرك"؟ فخطب الناس، فقال عمر: "إن هذا لهو الخطيب المصقع" يعني الفصيح٦، ثم حلف


١ مطموس في الأصل سوى: (وع) .
٢ ابن كثير: التاريخ ٤/٧٠، عن سيف بن عمر.
٣ الخبر بأطول في الطبري: التاريخ ٤/٢٢، من طريق سيف بن عمر.
٤ زيادة بن أبيه.
٥ في الأصل: (لاقوى) .
٦ في لسان العرب ٨/٢٠٣: خطيب مِصْقعٌ: بليغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>