للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني لأرى تعذيركم وإني لأعلمكم بالعيش، ولو شئت لجعلت كرَاكرَ، وأَسْنِمة وصَلاء، وصنابٍ، وصَلائِق، ولكني أستبقي حسناتي، إن الله عزوجل ذكر قوماً فقال: {أَذْهَبْتُم طَيِّبَاتِكُم فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنيَا واسْتَمْتَعْتُم بهَا} [الأحقاف: ٢٠] الآية١.

وعن محمّد بن قيس٢ قال: "دخل ناس على حفصة بنت عمر - رضي الله عنهما - فقالوا: "إن أمير المؤمنين قد بدا عِلباءُ٣ رقبته من الهزال، فلو كَلَّمتِهِ أن يأكل طعاماً هو ألين من طعامه، ويلبس ثياباً ألين من ثيابه، فقد رأينا إزاره مرقعاً برقع غير ثوبه، ويتخذ فراشاً ألين من فراشه، فقد أوسع الله على المسلمين فيكون ذلك أقوى على أمرهم"، فبعثوا إليه حفصة فذكرت ذلك له، فقال: "أخبريني بألين فراش فرشته لرسول الله قط قالت: "عباه كنا نثنيها٤ له باثنين، فلما غلظت عليه جعلتها له بأربعة قال: "فأخبريني بأجود ثوب لبسه؟ قالت: "نَمِرَةٌ٥ صبغناها له، فرآها إنسان، فقال: أكسنيها يا رسول الله فأعطاه إياه فقال: "ايتوني بمِقناع٦ من تمر"، فأمرهم فنَزعوا نواه، ثم قال: "انزعوا تفاريقه"، ففعلوا ثم أكله كله، فقال: "تروني لا أشتهي الطعام إني لآكل السمن، وعندي


١ ابن الجوزي: مناقب ص ١٤٥، وقد سبق تخريجه ص ٥٦٤، عن الحسن البصري.
٢ محمّد بن قيس شيخ لأبي معشر، من الرّابعة، ضعيف، ووهم من خلطه بالذي قبله. (ميزان الاعتدال ٤/١٦، التقريب ص ٥٠٣) .
٣ العِلباء: عَصَبُ العُنُق، وهما عِلباوان يميناً وشمالاً بينهما منبت العنق. (لسان العرب ١/٦٢٧) .
٤ في الأصل: (نثا) ، وهو تحريف.
٥ النَّمْرَة: الحِيَرَة، وشَمْلةٌ فيها خطوط بيض وسود، أو بُردَةٌ من صوف تلبَسُها الأعراب. (القاموس ص ٦٢٧) .
٦ القِنْع والقِناعُ: الطبقُ الذي يؤكل عليه الطعام. (لسان العرب ٨/٣٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>