وأما من سبّهم سبّاً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، - مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم، أو عدم الزهد، ونحو ذلك - فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك. وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم. وأما من لعن وقبّح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم، لتردد الأمر بين لعن الغليظ ولعن الاعتقاد. وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدّوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ نفراً قليلاً لا يبلغون بعضة عشر نفساً، أو أنّهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره؛ لأنه مكذّب لما نصّه القرآن في غير موضع: من الرضي عنهم والثناء عليهم، بل من يشكّ في كفر مثل هذا فإن كفره متعيّن، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب أو السنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي: {كُنْتُم خيرَ أمَّةٍ أُخْرِجَت للنَّاس} وخيرها هو القرن الأوّل، كان عامتهم كفاراً أو فساقاً، ومضمونها أن هذه الأمّة شرّ الأمم وأن سابقي هذه الأمّة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام". (الصارم المسلول ص ٥٨٦، خلق أفعال العباد ص ١٣) . ٢ عبد الله بن أحمد في زيادته على المسند ١/١٠٣، والسنة ٢/٥٤٦، وإسناده ضعيف فيه يحيى بن المتوكل وكثير النواء، وهما ضعيفان. (التقريب رقم: ٥٦٠٥، ٧٦٣٣) ، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: ٨٠٨.