للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عز وجل من الشبه بقدر عزته وتعالي صفته، لا يمتزج فيخلص أو يقبل الشبه فيقدس، لهذا لم يرد في خبر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في صفة وصف بها الله عز وجل بلا مثل ولا تشبيه أو بلا كيف، لأن إثبات الصفة تقديس فلا يحتاج إلى التقديس قال الله تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ} ١ فمن شبه الله أو صفة من صفاته بخلقه أو بصفات خلقه فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، ومن أنكر صفة] ١٠٩/أ [أثبتها الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم له فقد كفر بالله وبرسوله.

فقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ...} الآية. الكاف لتشبيه الصفات، والمثل تشبيه الذوات، فنفى التشبيهين كليهما عن نفسه فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أو ليس له مثل ولا كهو شيء، فمذهبنا إثبات الصفات من غير إفراط، ونفي التشبيه من غير تعطيل، والتمسك بالظاهر من غير تخليط، قال الشافعي - رحمه الله -: الظاهر أملك. والله أعلم.

وأما الوجه الآخر:- فإخلاص العمل لله، وإقامة الوجه له، ونفي المراءاة والتسميع عن عبادته، ثم إفراده بالثقة والخوف والرجاء والتفويض والمحبة٢.


١ سورة النحل /١٧.
٢ وهو توحيد الألوهية أو توحيد العبادة: وهو إفراد الله عز وجل بالعبادة لا شريك له، وهو الذي خلق الله الجن والإنس من أجله قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} وهو الذي أرسل الله به الرسل قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ، وهو التوحيد الذي أنكره المشركون ووقعت فيه الخصومة بين الرسل وأقوامهم.
(ر: مجموع الفتاوى ١/٢٣ لابن تيمية، مدارج السالكين ١/٢١٥ لابن القيم) .

<<  <   >  >>