للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثبت عندنا عن بعضهم أنه فسر قوله صلى الله عليه وسلم:" اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور " (١) فزعم أن الكور هي العمامة, وأن الرسول استعاذ بالله من تركها بعد لبسها.

وثبت عن رجل آخر منهم أنه (٢) يقول لما انقطعت ناقته, وأعيت من الهزال, فنحرها أهلها,. فقال: إنها حرام, لا تأكلوها. واستدل بقول الله تعالى: {وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ} (المائدة: من الآية٣) فحمل القرآن على لغته الفاسدة. إلى غير ذلك من الأمور التي أحدثوها مما لا يمكن عدّه ولا اسقصاؤه.

فلما اشتهر هذا عنهم, وهذا الغلو والتجاوز للحد؛ خاف الإمام أن يسيروا بسيرة الخوارج, فيمرقون في الدين بعد أن دخلوا فيه, كما مرق منه من غلا في الدين وتجاوز الحد ممن كانوا من أعبد الناس وأزهدهم وأكثر تهليلا, حتى أن الصحابة يحقرون أنفسهم عندهم, وهم تعلموا العلم من الصحابة.


(١) أخرجه مسلم في كتاب الحج من "صحيحه": (٢/٩٧٩) عن عبد الله بن سرجس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر يعوّذ من وعثاء السفر, وكآبة المنقلب, والحور بعد الكون, ودعوة المظلوم, وسوء المنظر في الأهل والمال. هذا لفظ مسلم.
وهو في "المسند": (٥/٨٢/٨٣) بلفظ"الكور". قال الترمذي بعد ذكر الروايتين: ومعنى قوله: الحور بعد الكور أو الكون _وكلاهما له وجه- إنما هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر, أو من الطاعة إلى المعصية, إنما يعني الرجوع من شيء إلى شيء من الشر. اهـ"سنن الترمذي": (٥/٤٩٨) .
(٢) في الأصل:"أن".

<<  <   >  >>