للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى أهل المسجد فرجع إلى منْزله فجمع أهله وصلى» (١) . ووجه الاستدلال: أنه لو جاز إعادة الجماعة لما اختار الصلاة في بيته على الجماعة في المسجد (٢) .

ويُمكن مناقشته بما يلي:

أولاً: بأن الذي في الأحاديث الصحيحة أنه أدركهم في الصلاة، وصلى بهم إماماً (٣) .

ثانياً: أن الحديث ولا تعلم صحته من عدمها، وقول الهيثمي: رجاله ثقات لا يكفي للحكم بصحته لاحتمال أن يكون في رواته مدلس وقد عنعنه، أو يكون منهم مختلط، ورواه صاحبه بعد اختلاطه، أو يكون فيه علة أو شذوذ.

ثالثاً: أن الحديث ليس نصاً في أنه عليه الصلاة والسلام صلى في منزله بل يحتمل أنه صلى بهم في المسجد، وكان ميله إلى منزله ليجمع أهله لا ليصلي فيه، وحينئذٍ يكون الحديث دليلاً لاستحباب الجماعة في المسجد ولو قد صلى فيه سابقاً، ولا يكون دليلاً على الكراهة.

رابعاً: لو دلّ الحديث على كراهة تكرار الجماعة لثبت كذلك كراهة الصلاة فيه فرادى لأنه صلى الله عليه وسلم لم يصل فيه جماعة ولا منفرداً، وهذا لم يقل به أحد.

خامساً: على فرض صحة الحديث وعدم تطرق الاحتمال إليه فإنه لا يدل على الكراهة بل غاية ما يثبت منه جواز الصلاة في البيت (٤) .


(١) رواه الطبراني في الكبير والأوسط قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات، تحفة الأحوذي ١/١٩٠.
(٢) بدائع الصنائع ١/١٥٣.
(٣) أخرج ذلك البخاري في صحيحه، كتاب الصلح، باب ما جاء في الإصلاح بين الناس ٣/١٦٥.
(٤) ينظر: أحكام المساجد للدكتور محمود الحريري ص ١٧٠ وما بعدها، وأحكام حضور المساجد، تأليف عبد الله بن صالح الفوزان ص ١٥٥.

<<  <   >  >>