حدثني جماعة من أهل البصرة. قَالُوا: كتب عدي بْن أرطاة إِلَى عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ وأمر أهل البصرة أن يكتبوا في حفر نهر لهم فكتب إليه وَكِيع ابن أَبِي سود التميمي. أنك إن لم تحفر لنا نهرا فما البصرة لنا بدار، ويقال:
أن عديا التمس في ذلك الأضرار ببهز بْن يزيد بْن المهلب فنفعه. قَالُوا فكتب عُمَر يأذن له في حفر نهر فحفر نهر عدي وخرج الناس ينظرون إليه فحمل عدي الْحَسَن البصري عَلَى حمار كان عَلَيْهِ وجعل يمشي.
قَالُوا: ولما قدم عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ عاملا عَلَى العراق من قبل يزيد بْن الوليد أتاه أهل البصرة فشكوا إليه ملوحة مائهم. وحملوا إليه قارورتين في أحدهما ماء البصرة وفي الأخرى ماء من ماء البطيحة فرأى بينهما فصلا فقالوا: إنك إن حفرت لنا نهرا شربنا من هَذَا العذب. فكتب بذلك إِلَى يزيد فكتب إليه يزيد أن بلغت نفقة هَذَا النهر خراج العراق ما كان في أيدينا فانفقه عَلَيْهِ. فحفر النهر الَّذِي يعرف بنهر عَمْرو. قَالَ رجل ذات يوم في مجلس بن عمرو الله أنى أحسب نفقة هذا النهر تبلغ ثلاثمائة ألف أو أكثر فقال ابن عُمَر. لو بلغت خراج العراق لأنفقته عَلَيْهِ.
قَالُوا. وكانت الولاة والأشراف بالبصرة يستعذبون الماء من دجلة ويحتفرون الصهاريج. وكان للحجاج بها صهريج معروف يجتمع فيه ماء المطر وكان لابن عَامِر وزياد وابن زياد صهاريج يبيحونها الناس.
قَالُوا: وبنى المَنْصُور رحمه اللَّه بالبصرة في دخلته الأولى قصره الَّذِي عند الحبس الأكبر وذلك في سنة اثنتين وأربعين ومائة وبنى في رحلته الثانية المصلى بالبصرة وقال القحذمى: الحبس الأكبر إسلامي، قَالُوا: ووقف مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن علي ضيعة له عَلَى أحواض اتخذها بالبصرة فغلتها تنفق عَلَى دواليبها وإبلها ومصلحتها.