أنه قَدْ وليكم هبنقة العائشي، وذلك أن سُلَيْمَان كان يعطي ويصطنع أهل النعم واليسار ويدع من سواهم، وكان هبنقة وهو يزيد بْن ثروان يؤثر سمان ابله بالعلف والمرعى، ويقول: أنا لا أصلح ما أفسد اللَّه ودعا الناس إِلَى خلعه فلم يجبه أحد إِلَى ذلك فشتم بني تميم ونسبهم إِلَى الغدر، وقال لستم بني تميم ولكنكم بني ذميم، وذم بني بكر بْن وائل، وقال: يا أخوة مسلمة، وذم الأزد فقال بدلتم الرماح بالمراد وبالسفن أعنة الحصن، وقال:
يا أهل السافلة ولا أقول أهل العالية لأضعنكم بحيث وضعكم اللَّه، قَالَ:
فكتب سُلَيْمَان إِلَى قتيبة بالولاية وأمره بإطلاق كل من في حبسه وأن يعطي الناس أعطياتهم ويأذن لمن أراد القفول في القفول وكانوا متطلعين إِلَى ذلك وأمر رسوله بإعلام الناس ما كتب به، فقال قتيبة: هَذَا من تدبيره علي وقام فقال: أيها الناس إن سُلَيْمَان قَدْ مناكم مخ أعضاد البعوض وأنكم ستدعون إِلَى بيعة أنور صبي لا تحل ذبيحته وكانوا حنقين عَلَيْهِ لشتمه إياهم فاعتذر من ذلك، وقال: إني غضبت فلم أدر ما قلت وما أردت لكم إلا الخير فتكلموا، وقالوا: إن أذن لنا في القفول كان خيرا له.
وإن لم يفعل فلا يلومن إلا نفسه، وبلغه ذلك فخطب الناس فعدد إحسانه إليهم وذم قلة وفائهم له وخلافهم عَلَيْهِ وخوفهم بالأعاجم الَّذِينَ استظهر بهم عليهم، فأجمعوا عَلَى حربه ولم يجيبوه بشيء وطلبوا إِلَى الحصين بْن المنذر أن يولوه أمرهم فأبى وأشار عليهم بوَكِيع بْن حسان بْن قيس بْن أَبِي سود بْن كلب بْن عوف بْن مَالِك بْن غدانة بْن يربوع بْن حنظلة التميمي، وقال: لا يقوى عَلَى هَذَا الأمر غيره لأنه أعرابي جاف تطيعه عشيرته وهو من بني تميم وقد قتل قتيبة بني الأهتم فهم يطلبونه بدمائهم فسعوا إِلَى وَكِيع فأعطاهم يده فبايعوه، وكان السفير بينه وبينهم قبل ذلك حيان مولى مصقلة وبخراسان يومئذ من مقاتلة أهل البصرة أربعون