أشهرا ففتحها صلحا عَلَى أن لا يقتلهم ولا يعرض لبدهم وقال: ما البد إلا ككنائس النصارى واليهود وبيوت نيران المجوس ووضع عليهم الخراج بالرورويني مسجدا، وسار مُحَمَّد إِلَى السكة وهي مدينة دون يباس ففتحها والسكة اليوم خراب، ثُمَّ قطع نهر يباس إِلَى الملتان فقاتله أهل الملتان فأبلى زائدة بْن عمير الطائي، وانهزم المشركون فدخلوا المدينة وحصرهم مُحَمَّد ونفدت أزواد المسلمين فأكلوا الحمر، ثُمَّ أتاهم رجل مستأمن فدلهم عَلَى مدخل الماء الَّذِي منه شربهم وهو ماء يجري من نهر بسمد فيصير في مجتمع له مثل البركة في المدينة وهم يسمونه البلاح فغوره، فلما عطشوا نزلوا عَلَى الحكم فقتل مُحَمَّد المقاتلة وسبى الذرية وسبى سدنة البد وهم ستة آلاف، وأصابوا ذهبا كثيرا فجمعت تلك الأموال في بيت يكون عشرة أذرع في ثماني أذرع يلقى ما أودعه في كوة مفتوحة في سطحه فسميت الملتان، فرج بيت الذهب والفرج الثغر وكان بد الملتان بدا تهدى إليه الأموال وينذر له النذور ويحج إليه السند فيطوفون به ويحلقون رؤسهم ولحاهم عنده، ويزعمون أن صنما فيه هُوَ أيوب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالُوا: ونظر الحجاج فإذا هُوَ قَدْ أنفق عَلَى مُحَمَّد بْن الْقَاسِم ستين ألف ألف ووجد ما حمل إليه عشرين ومائة ألف ألف، فقال: شفينا غيظنا وأدركنا ثأرنا وازددنا ستين ألف ألف درهم ورأس داهر، ومات الحجاج فأتت محمدا وفاته فرجع عن الملتان إلى الرورو بغرور، وكان قَدْ فتحها فأعطى الناس ووجه إِلَى البيلمان جيشا فلم يقاتلوا وأعطوا الطاعة وسالمه أهل سرست وهي مغزى أهل البصرة اليوم وأهلها الميد الَّذِي يقطعون في البحر، ثُمَّ أتى مُحَمَّد الكيرج فخرج إليه دوهر فقاتله فانهزم العدو وهرب دوهر، ويقال قتل ونزل أهل المدينة عَلَى حكم مُحَمَّد فقتل وسبى قَالَ الشاعر: