قال البخاريُّ:«حديث أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة=لا يُتَابَع عليه محمد
بن عبد الله بن الحسن». قال:«ولا أدري سمع من أبي الزِّناد أم لا؟». وقال الخطَّابيُّ:«حديث وائل بن حُجْر أثبت منه». قال:«وزَعَم بعض العُلماء أنَّه منسوخٌ؛ ولهذا لم يحسِّنه التِّرمذي، وحكم بغرابته، وحسَّن حديث وائلٍ». قالوا: وقد قال في حديث أبي هريرة: «لا يبرك كما يبرك البعير»، والبعير إذا برك بدأ بَيَدَيه قبل ركبتيه، وهذا النَّهْي لا يمانِعُ قوله:«وليضع يَدَيه قبل ركبتيه»، بل ينافيه. ويدلُّ على أنَّ هذه الزيادة غير محفوظةٍ، ولعلَّ لفظها انقلب على بعض الرُّواة. قالوا: ويدلُّ على ترجيح هذا أمران آخران: أحدهما: ما رواه أبو داود، من حديث ابن عمر:«أنَّ رسول الله ﷺ نهى أنْ يعتمد الرجل على يَدَيه في الصَّلاة». وفي لفظٍ:«نهى أن يعتمد الرَّجل على يَدَيْه إذا نهَض في الصَّلاة»(١)، ولا ريب أنَّه إذا وضع يَدَيه قبل رُكْبَتيه اعتمد عليهما، فيكون قد أوقع جُزْءًا من الصَّلاة معتمِدًا على يَدَيه بالأرض. وأيضًا فهذا الاعتماد في السُّجود نظير الاعتماد في الرَّفع منه سواء؛ فإذا نهى عن ذلك كان نظيره كذلك. الثَّاني: أنَّ المصلِّي في انحطاطه ينحطُّ منه إلى الأرض الأقرب إليها أوَّلًا، ثُمَّ الذي مِنْ فَوْقِهِ، حتى ينتهي إلى أعلى
نهى عن التشبُّه بالحيوان وخصوصًا في الصلاة، فالنبي ﷺ نهى عن التفاتٍ كالتفات الثعلب، وعن نقرٍ كنقر الغراب، ولا شك أنه إذا قدَّم يديه شابه في الهيئة، شابه نزول البعير، هذا ما فيه إشكال.
فالذي يظهر والله أعلم: أنه يقدم ركبتيه إلا عند الحاجة، فإنه يبدأ بيديه قبل ركبتيه.
(١) أخرجه أبو داود (٩٩٢)، وابن خزيمة (٦٩٢)، وضعفه الألباني.