واستقبل بأصابعه القبلة ونشرها، وقال: الله أكبر ولم يكن يقول قبل ذلك: نَوَيْتُ أُصلِّي كذا وكذا، مستقبل القبلة، أَربع ركعاتٍ، فريضة الوقت، أداءً لله تعالى، إمامًا أو مأمومًا! ولا كلمةً واحدةً من ذلك في مجموع صلاته من أوَّلها إلى آخرها؛ فقد نَقَل عنه أصحابه حركاته وسكناته وهيئاته، حتى اضطراب لحيته في الصَّلاة، حتى إنَّه حَمَل بنت ابنته مرَّةً في الصَّلاة، فنقلوه ولم يهملوه. فكيف يتَّفق مَلَؤُهُم من أوَّلهم إلى آخرهم على ترْك نقل هذا المهمِّ، الذي شِعَار الدُّخول في الصَّلاة؟! ولعمر الله لو ثبت عنه من هذا كلِّه
قوله:«وقال: «الله أكبر»» هذا متواتر عن النبي ﷺ أنه كان يفتتح صلاته بالتكبير، وهذا ما عليه عامة أهل العلم ﵏ خلافًا لأبي حنيفة، فهو يقول: يصح كل ذكرٍ دالٍّ على التعظيم.
قوله:«ولم يكن يقول قبل ذلك: نَوَيْتُ أُصلِّي كذا وكذا، مستقبل القبلة، أَربع ركعاتٍ، فريضة الوقت، أداءً لله تعالى، إمامًا .... » أي: لم يكن من هدي النبي ﷺ أنه يتلفَّظ بالنية، وذلك أن النية من أعمال القلوب وليست من أعمال الجوارح، والعبادات توقيفية، ولأن الذي يتلفظ بالنية كأنه يُعلِم الله ﷿ بما سيعمله، والله ﷾ يعلم السر وأخفى، وهذا خلاف ما عليه متأخرو الفقهاء؛
* فمتأخرو الفقهاء يقولون: يُستحب أن يتلفظ بالنية.
* الحنابلة يقولون: يتلفظ بها سرًّا.
* الشافعية أوسع من هذا يقولون: يستحب أن ينطق بها.
وهذا كله ليس عليه دليل، والصحيح ما ذكر المؤلف ﵀ هو أن التلفظ بالنية غير مشروع، وهذا ما ذهب إليه ابن تيمية، وما عليه المحققون؛ لما ذكر