للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اختلفت أقوال أهل العلم في توجيه تنوع إجابة النبي للسائلين، وتباينت أجوبتهم عن ذلك.

فأجاب بعضهم بأن المراد «بأفضل العمل»: «من أفضل العمل «؛ فتكون الأعمال المذكورة من أفضل الأعمال لا أن كل واحد منه يقصد به أنه أفضل العمل، وحينئذ ينتفي التعارض.

قال الإمام ابن خزيمة: «إن العرب قد تقول: إن أفضل العمل كذا، وإنما تريد: من أفضل. وخير العمل كذا، وإنما تريد: من خير العمل». (١)

وقد نقل هذا القول الحليمي عن شيخه أبي بكر القفال، (٢) وارتضاه، (٣) ونقله عنهما النووي في شرحه لصحيح مسلم. (٤)

وقد ضعف هذا القول الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي؛ قال بعد نقله: «وهذا في غاية البعد» (٥)

قلت: وظواهر النصوص لا تعضد هذا القول؛ فإن السائلين كانوا يسألون عن أفضل العمل على الإطلاق، فيذكر النبي عملا ثم يستفصل السائل قائلا: ثم ماذا؟ ثم أي؟ فيجيب النبي . و «ثم» تفيد الترتيب في لغة العرب لا يفهم منها غير هذا. (٦)


(١) صحيح ابن خزيمة (٤/ ١٧٤).
(٢) هو أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال الكبير، المتوفى سنة خمس وستين وثلاث مائة بالشاش، وهو غير القفال الصغير المشهور في كتب الفقه. قال الذهبي نقلا عن النووي: إذا ذكر القفال الشاشي فالمراد هو، وإذا قيل القفال المروزي، فهو القفال الصغير. انظر سير إعلام النبلاء (١٦/ ٢٨٣، ٢٨٤).
(٣) المنهاج في شعب الإيمان (٢/ ٤٦٩).
(٤) شرح صحيح مسلم (٢/ ٧٧، ٧٨).
(٥) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب (٤/ ٢١١).
(٦) انظر كتاب معاني الحروف لأبي الحسن علي بن عيسى الرمَّاني ص: (١٠٥).

<<  <   >  >>