للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثالث: تفاضل الأعمال باعتبار النية وقوة الإخلاص]

الإخلاص لله تعالى في العمل هو الركن الأساس لكل عمل صالح، وهو الأصل الذي يبنى عليه صحة العمل وقبوله عند الله تعالى، كما أن المتابعة في العمل هي الركن الثاني لكل عمل صالح مقبول عند الله.

وقد دل على هذين الأصلين قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾. (١)

قال الإمام ابن كثير في تفسير الآية: «﴿فمن كان يرجو لقاء ربه﴾ أي ثوابه وجزاءه الصالح، ﴿فليعمل عملاً صالحاً﴾ أي ما كان موافقا للشرع. ﴿ولا يشرك بعبادة ربه أحدا﴾ وهو الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له. وهذان ركنا العمل المتقبل، لابد أن يكون خالصا، صوابا على شريعة رسول الله ». (٢)

والنصوص في تقرير هذه المسألة وأقوال أهل العلم كثيرة جداً، وهي مبسوطة في مواضعها من كتب الاعتقاد والسنة والآداب، ومقصد البحث هنا هو بيان أثر قوة الإخلاص في تفاضل الأعمال عند الله تعالى وإنما عبرت (بقوة الإخلاص)، ولم أقل (الإخلاص)، لأن الإخلاص، هو ركن العمل، الذي لا يقبل إلا به، فالحديث عن الإخلاص من عدمه هو من باب الحديث عن قبول العمل ورده، وحديثنا هنا هو من باب التفاضل بين الأعمال بحسب قوة الإخلاص فيها، ففي هذا الباب قد تحقق ركن الإخلاص في كل الأعمال المفاضل بينها، وإن كان متفاوتا قوة وضعفا.


(١) سورة الكهف: من الآية ١١٠.
(٢) تفسير ابن كثير (٥/ ٢٠٥).

<<  <   >  >>