للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الخامس تفاضل الأعمال باعتبار المداومة عليها]

من أسباب التفاضل بين الأعمال المداومة على العمل ولزومه، فإن العمل الدائم، وإن كان قليلا، يفضل العمل المنقطع، وإن كان كثيرا.

وبذلك جاءت الأحاديث الصحيحة.

أخرج الإمام مسلم من حديث عائشة قالت: قال رسول الله : «أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل». (١)

وعنها أن رسول الله سئل: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «أدومه وإن قل». (٢)

وسئلت عائشة كيف كان عمل رسول الله ؟ هل كان يخص شيئا من الأيام؟ قالت: «كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان رسول الله يستطيع». (٣)

قال القاضي عياض: «قولها: «كان عمله ديمة» أي دائم غير منقطع ومنه سمي المطر المتوالي ديمة؛ يعني أن ما عمل من خير لم يكن يقطعه، ويتركه بل يداوم عليه». (٤)

فدلت الأحاديث على تقرير هذا الأصل العظيم في السير إلى الله تعالى والتقرب إليه وهو أن أحب العمل إلى الله ما كان على وجه المداومة وإن كان قليلا، وأن هذا هو كان هدي النبي في عبادته، كما أخبرت بذلك أعرف


(١) صحيح مسلم (١/ ٥٤١).
(٢) أخرجه مسلم (١/ ٥٤١).
(٣) أخرجه مسلم (١/ ٥٤١).
(٤) إكمال المعلم (٣/ ١٤٨).

<<  <   >  >>