للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ميدانا عظيما لأصحاب العزائم في السبق إلى أعلى الدرجات.

كما أن هذه العبادات بدرجاتها الثلاث، وما يندرج تحتها من أعمال متفاوتة في الفضل والجزاء عند الله تفاوتا عظيما، وتفاوتها في الفضل لا يرجع إلى معنى واحد بل إلى اعتبارات كثيرة دلت عليها النصوص.

فهي متفاضلة باعتبار انقسامها إلى واجبات ومستحبات كما تقدم، وباعتبار أجناسها، وباعتبار الإخلاص والمتابعة فيها، وباعتبار المداومة عليها، وباعتبار تعديها للخلق، وباعتبار زمانها ومكانها، وباعتبار ما يصحبها من الأحوال الخاصة، وباعتبار الاقتصاد والتيسير في تأديتها، وباعتبار العامل ومنزلته عند الله إلى غير ذلك من أسباب التفاضل.

ونظرا لأهمية مسألة التفاضل بين الأعمال وشدة الحاجة إلى فهمها الفهم الصحيح في التقرب إلى الله بأفضل الطاعات، والمسابقة إلى أعلى الدرجات، رأيت أنه من الواجب ضرورة الكتابة في هذه المسألة بجمع شتاتها، وتقريب مسائلها، والخروج بقواعد مؤصلة بناء على مدلولات النصوص، وفهم السلف لأفضل ما ينبغي أن تشتغل به الأمة على مختلف طبقاتها، وتنوع قدراتها، وتوجيه الراغبين في الخير لأفضل الأعمال في حقهم بناء على مراعاة الفوارق الفردية، والمؤهلات النفسية، والظروف الزمانية والمكانية، وغير ذلك من الأحوال المؤثرة في تقرير هذه المسألة العظيمة الجليلة.

ويكمن إبراز أهمية دراسة هذا الموضوع في النقاط الآتية:

١ - أن هذا الموضوع كان محل العناية التامة من السلف حيث عظمت رغبتهم في التفقه فيه؛ فكثرت أسئلة الصحابة للنبي عن أفضل العمل، كما عني به التابعون من بعدهم، والأئمة المحققون من أهل السنة فكثر بحثهم فيه، والتنبيه على أصوله وقواعده مما خلف لنا مادة علمية غزيرة، وفوائد نافعة عظيمة في هذا الباب قد تخفى على بعض طلبة العلم، فضلا عن عامة الناس مما يحتم بحثه،

<<  <   >  >>