الباب، فإنا في كل يوم نشاهد من تلبيس الشيطان على كثير من أهل التعبد والرغبة في الخير ما لا يمكن وصفه، ويصعب حصره، وليس أدل على هذا من اشتغال كثير من طلبة العلم اليوم ناهيك عن غيرهم من الناس بالنوافل والسنن عن الوجبات، في باب العلم والعمل، وذلك كالتعمق في دراسة بعض المسائل الفرعية، التي لا تعدو أن تكون من فروض الكفايات في باب العلم، عن تعلم أوجب المسائل مما لا يتحقق الواجب إلا بها، كما هو الشأن في مسائل التوحيد، والطهارة، والصلاة، وغيرها من المهمات، وكذلك الإنحراف في باب العمل بالإنشغال ببعض السنن وفروض الكفايات عن تأدية الواجبات العينية، كاستغراق الوقت أو جلّه في الدعوة مثلا، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو كثرة الصيام، أو العكوف في المساجد، مع ما يصحب ذلك من تضييع حقوق الوالدين، أو الزوجة والأولاد، أو حقوق العمل، وغير ذلك من الأمثلة التي لا تخفى على متأمل لواقع حال كثير من الناس في هذا العصر، مما يتعين معه مراعاة هذا الجانب المهم، وإعطاؤه حقه من البحث والدراسة، وتوجيه الناس فيه كما فعل الأئمة السابقون نصحا للأمة، وإبراء للذمة. والله تعالى أعلم.