للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذهب بعض العلماء المتأخرين إلى أن الفرائض أفضل من النوافل إلا في أربع مسائل، دلت النصوص على أن السنة فيها أفضل من الفرض، وهذه المسائل هي:

١ - ابتداء السلام أفضل من رده، مع أن ابتداء السلام سنة، ورده واجب.

٢ - إبراء المعسر سنة، وهو أفضل من إنظاره مع أن إنظاره واجب.

٣ - التطهر قبل الوقت سنة، وبعد الوقت واجب. وهو قبل الوقت أفضل.

٤ - الختان قبل البلوغ سنة، وهو أفضل منه بعد البلوغ وهو واجب.

ذكر هذه المسائل السفاريني، ونقل بعضها عن السيوطي. (١) وهي محل نظر:

أما السلام فقد اختلف العلماء في ابتدائه هل هو سنة أم أنه فرض كالرد. (٢)

فعلى القول بوجوبه، فالمفاضلة بينه وبين الرد من مسائل التفاضل بين الفرائض، ولا نزاع في هذا على ما سيأتي تقريره.

وأما على القول بأن ابتداء السلام سنة، وهو المشهور فلا يسلم أنه أفضل من رده، وذلك لمخالفة هذا للنصوص الصريحة في تفضيل الفرائض على النوافل، ومن أظهرها الحديث القدسي السابق الذكر، وفيه يقول الله تعالى: «ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه». (٣) وهذا نص عام يقتضي تفضيل كل الفرائض على كل النوافل.

وإنما تمسك من قال بتفضيل ابتداء السلام على رده بقول النبي : «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام». (٤)


(١) انظر غذاء الألباب شرح منظومة الآداب للسفاريني (١/ ٢٨٦).
(٢) انظر أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٥٩٢)، ومدارج السالكين لابن القيم (١/ ١١٤).
(٣) تقدم تخريجه (ص: ٣٩)
(٤) أخرجه مسلم. صحيح مسلم (٤/ ١٩٨٤) ح: (٢٥٦٠).

<<  <   >  >>