وسبق لنا في تعريف الحديث الصحيح: أن لا يكون معللاً.
وقلنا العلّة: هي العلة الخفيّة التي لا تظهر، وقد تكون بمعنى العلّة الظاهرة الواضحة.
ولهذا تجد بعض أهل العلم يقول: في حديث منقطع ظاهر يقول: هو حديث معلول، فهو اصطلاح.
إذاً نقول: اصطلاح أهل العلم في الحديث المعلول: قد يُستخدم في العلل الخفيّة، وقد يستخدم في العلل الظاهرة، فهذا اصطلاح فلا نستطيع أن نرجّح الآن، ونحاكم الأئمة على اصطلاحاتهم!
مسألة: صور العلل الخفيّة، كيف تكون علّة خفيّة؟
أحياناً يأتي الإمام فيقول هذا ليس من حديث الزهري، فجاءنا فلان ما فيه مخالفة ولا شذوذ بل أمامي إسناد ما فيه مخالفة، فيأتي أبو حاتم ـ رحمه الله تعالى ـ فيقول: هذا ليس من الزهري، كيف؟ هذه علّة خفيّة، فلا يمكن أن يعرفها إلا هؤلاء، كيف عرفها؟ قد ندرك هذا وقد لا ندركه، ولهذا هؤلاء الأئمة في صنعتهم ومعرفتهم للعلل تفرّدوا بهذه الميزة.
فلو آتي وأضعّف حديث بعلّة قادحة، لا يقبل الناس مني أبداً حتى أبيّن الأسباب، فلا بد أن يكون عندي قرائن، قد تقبلها وقد لا تقبلها لكني بيّنت الأسباب، بينما أولئك الأئمة لا أستطيع، لأن عندهم أمور تيسّرت لهم لم تتيسّر لنا.
فعندما يقول: هذا ليس من حديث الزهري، نقول لماذا؟ لأنه هو رأى كتاب الزهري الذي كتب فيه أحاديثه كلها وحفظها، أما نحن الآن لا نستطيع أن نقول هذا ليس من حديث الزهري فليس أحد الآن رأى كتاب الزهري.
وهو رأى صحيفة سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنه -، ورأى صحيفة الحسن عن سمرة - رضي الله عنه -، فلما يأتيه حديث عن الحسن عن سمرة - رضي الله عنه -، وليس موجوداً في الصحيفة، يقول: هذا ليس من حديث الحسن.