الأمر الثاني: أنه يلزم الضعف لأحد هذه الأوجه، فلو كان أحد الأوجه يلزم منه الضعف ففيه راوٍ ضعيف لهذا الإسناد مثلاً فلو رجّحت هذا الإسناد لكان هذا الحديث ضعيفاً، وفي المضطرب لا أدري أيهما المحفوظ، فقد يكون المحفوظ هو الإسناد الذي فيه الراوي الضعيف، احترازاً مما لو جاءت الأسانيد المختلفة كلها ثقات، فسواءً رجحت هذا صحّ الحديث، وإن رجّحت هذا صحّ الحديث أيضاً، فإن أخذت بهذا الإسناد فهو صحيح ليس فيه علّة سوى الاضطراب بين الأسانيد وما أدري أيها هو " المحفوظ ".
وقولنا: وتعددت طرقه، يفهم من قول المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ وذو اختلاف سند، فكأنه يشير إلى أن هناك عدّة طرق له،وهذا شرط في المضطرب أن يكون متعدد الأسانيد مختلفة مضطربة، أما إذا كان إسناداً واحداً كيف نحكم عليه بالاضطراب؟! فالمؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ قال: وذو اختلاف سند أو متن.
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:-
مضطرب الحديث ما قد وردا ... مختلفاً من واحدٍ فأزيدا
في متن أو في سند إن اتّضح ... فيه تساوي الخُلْفِ، أما إن رجح
بعض الوجوه لم يكن مضطربا ... والحكم للراجح منها وجبا
فهذا هو المضطرب: تأتيني أسانيد في حديث واحد فلا أستطيع أن أرجح بينهما، وسبق لنا أنا إذا حكمنا على هذا الإسناد بالشذوذ، فهذا ليس مضطرباً لأني رجحت أحدهما على الآخر، وقد أحكم على أحد الأسانيد بالضعف، وقد أحكم على الإسناد الآخر بأنه مقلوب فيكون الحديث الآخر هو المحفوظ إذاً هنا ترجيح لكن يأتيني أسانيد في حديث معيّن فلا أستطيع أن أرجح بين هذه الأوجه كلها.