اجتهد أهل العلم في التمثيل، فابن الصلاح والعراقي ـ رحمها الله تعالى ـ ذكرا حديث الخط من المصلي للسترة في الصلاة، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:" إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن فليَخُطّ خطّاً، ثم لا يضرّه من مرّ بين يديه " فاختارا هذا المثال للتمثيل على المضطرب، وهو فعلاً مضطرب فحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا أسانيده كثيرة جدّاً، لكن في الحقيقة أنه يمكن الترجيح بينهما، ولهذا صححه الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ، ولهذا بن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ في بلوغ المرام قال: ولم يصب من زعم أنه مضطرب، بل هو حسن. أهـ، يقصد بذلك بن الصلاح ـ رحمه الله تعالى ـ.
والمثال الذي أراه مستقيماً تماماً هو:
حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - في تشبيك الأصابع قبل الصلاة في الطريق للصلاة، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:(إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكنّ بين أصابعه فإنه في صلاة) ، فهذا في نظري هو من أحسن الأمثلة على الحديث المضطرب، وقد وجدت الحافظ بن رجب ـ رحمه الله تعالى ـ حكم على هذا الحديث بالاضطراب قال: وفي إسناده اختلاف كثير واضطراب، وهو كذلك، فتجد سعد بن إسحاق يروي عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه -، مرةً يرويه عن أبي ثمامة، ومرةً يرويه عن أبي سعيد المقبري عن كعب، فلا تستطيع أن ترجح مع أن بعض هذه الأسانيد تصحح الحديث،فتتحيّر بين أسانيد الثقات والضعفاء في أي الأسانيد ترجح.
وهو قد يكون عند عالم مضطرباً وقد يكون عند عالم آخر غير مضطرب، فلا مشاحة فنحن نتفق على أن هذا الحديث أسانيده مختلفة كثيرة فيها اضطراب واختلاف، لكن أنت قد تميل إلى ترجيح أحد الأسانيد، وأنا قد أميل إلى أنه لا يمكن الترجيح بينها.