الإطلاق الأول: ما رفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكل حديث يروى بإسناد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه مسند، فإذا كان يروى بإسناد إلى أبي هريرة فليس بمسند، وإذا كان يروى بإسناد إلى بن سيرين فليس بمسند.
الإطلاق الثاني: كل طريق يوصلك إلى حديث مرفوع أو موقوف، وهذا ذكره ابن الصلاح ـ رحمه الله تعالى ـ.
الإطلاق الثالث: كل حديث يوصلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكون متصلا، وهذا رجحه الحاكم، فلا بد أن يكون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويكون متصلاً، فالمرسلات ليست مسنده على هذا القول.
الإطلاق الرابع: المسند كل طريق يروى بطريق التحمل، فلو جاءنا مثلا الإمام أحمد ويروي عن الزهري وبينهما راوٍ فهذا يسمى مسنداً، فتقول روى الإمام أحمد بالإسناد أو تقول رواه أحمد مسندا إلى الزهري، وهذا الإطلاق أعم وأشمل وهو أكثر في الإطلاق.
ثم قال المؤلف: ولم يَشُِذّ.
يصح أن تقول يَشُذّ أو يَشِذّ، شذّ يَشُذّ يَشِذّ فقط، من باب فَعِلَ يأتي منها يَفْعِلُ ويَفْعُل هذا قياسي، وأما يَفْعَل فهو سماعي ليس على القياس.
ورأيت في بعض النسخ: ولم يُشَذّ، وعندي أنها ضعيفة ـ ضعيف هذا الضبط ـ فليس هناك داعياً في أن نجعلها مبنية للمجهول.
قال المؤلف: ولم يشُِذّ.
هذا هو الوصف الثاني للحديث الصحيح، ولم يشُِذّ: أي أن هذا الإسناد لم يكن شاذا، والشذوذ هو المخالفة أو هو الإنفراد، وسيأتي زيادة بيان ـ إن شاء الله ـ على معنى الشذوذ، عند قول المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:-
وما يخالف ثقة به الملا ... فالشاذ.....................
فالشذوذ عند أهل اللغة: الإنفراد، وقال بعضهم إن الشذوذ هو المخالفة، وهذا الخلاف سينبني عليه الخلاف العظيم في معنى الشذوذ.