بناءً على اختيارنا سينشأ الخلاف، فلو جاء حديث لم يخالف، لكنه مفرد، فإنه يكون شاذاً إذا قلنا أن بأن الشاذ هو التفرد.
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:-
والحاكم الخلاف فيه ما اشترط ... وللخليلي مفرد الراوي فقط
فالخليلي انتزع معنى الإنفراد من اللغة، فقال الشاذ هو المفرد، فعنده يلزم أن يكون حديث (إنما الأعمال بالنيات) حديث شاذاً.
جاء الإمام الشافعي وقال: الشاذ هو المخالف، وهو له أصل في اللغة، فيلزم من التفرد المخالفة هكذا قال، فلا يطلق على الإنسان أنه تفرد إلا إذا تميز ولا يتميز إلا إذا روى شيئا لم يروه غيره أو خالفهم، إما بمتن أو إسناد، وسيأتي تحرير الكلام ـ إن شاء الله ـ في معنى الشذوذ.
إذا نقول الشاذ: قيل بأنه التفرد وهذا رجحه الخليلي، وقيل بأنه المخالفة وهذا رجحه الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ، والحاكم ـ رحمه الله تعالى ـ لم يشترط المخالفة أيضا.
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:
والحاكم الخلاف فيه ما اشترط ... ..............................
مثال على الشذوذ:
روى الإمام البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ في صحيحه من حديث سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه " أنه رأى بلالاً يؤذن فتتبع فاه وجلس يلتفت يميناً وشمالاً في الحيعلتين ". رواه عن سفيان جماعة منهم بن المبارك ووكيع وجماعة كثيرة من الأئمة فكل طبقة سفيان يروون هذا الحديث كل تلاميذ سفيان الثوري يروون هذا الحديث، وهي رواية البخاري، جاء عبد الرزاق وهو إمام من الأئمة فزاد " ووضع أصبعيه في أذنيه " فعبد الرزاق ذكر هذه اللفظة وعشرة لم يذكروها عن سفيان، فنحن الآن بين روايتين، رواية جماعة لم يذكروا " ووضع أصبعيه في أذنيه " ورواية عبد الرزاق ذكر" ووضع أصبعيه في أذنيه " فنحن الآن أمام زيادة وتفرد وأمام مخالفة.