وقولنا " أمام مخالفة " هنا معترك النقاش الذي سنذكره ـ إن شاء الله ـ هل هو خالف؟ بعضهم هو خالف وبعضهم يقول هو لم يخالف بل زاد، فيقول بعضهم لا هو زاد فهذا يترجم الزيادة بالتفرد، وهذا يقول لكنه خالف فهذا يترجم الزيادة بالمخالفة.
فإذا قلنا بأن الشذوذ هو المخالفة: فإننا سنصنف زيادة عبد الرزاق بالشذوذ، وسيأتي زيادة بيان عند مسألة زيادة الثقة، وأن زيادة الثقة وأن الشذوذ وأن المخالفة كلها تدور في باب واحد.
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:
وذو الشذوذ ما يخالف الثقة ... فيه الملا فالشافعي حققه
فعبد الرزاق خالف الملا، وكيع وبن المبارك وغيرهم فهؤلاء أئمة، وعبد الرزاق لنا فيه نظر آخر وهو أنه فقيه فلما يتكلم تؤثر فيه لغة الفقهاء، فليس هو فقط حافظ بل يسمع كلاماً للتابعي "بأنه وضع أصبعه في أذنيه "، ويسمع كلاماً للإمام " بأنه وضع أصبعه في أذنيه " فيتأثر، ولهذا رواية الفقهاء المحدثين تختلف عن رواية المحدثين الخلّص، فرواية المحدثين الخلّص أحيانا قد تكون أقوى من رواية الفقهاء المحدثين، وأحيانا تكون رواية الفقهاء المحدثين أقوى من رواية المحدثين الخلّص.
فمتى تكون رواية الفقيه المحدث أقوى؟ ومتى تكون رواية المحدث الخالص أقوى؟
تكون رواية الفقيه المحدث أقوى عندما يكون الخلاف في مسألة تنبني على مسألة فقهية في اللفظ، فإن الفقيه يكون حذِرا عند ذكره للرواية فيعرف ما الذي يلزم منها إذا قال كذا فيلزم منها كذا، فيلتزم بالرواية بالنص، أما المحدثين الخلص يتوسعون في الرواية بالمعنى أحيانا المحدث لا يبالي فيظن اللفظة هذه مثل اللفظة هذه، فيروي الحديث كما يفهمه من الحديث فقط، فهنا تكون رواية الفقيه أقوى.