للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتكون رواية المحدث أقوى من الفقيه المحدث في مثل المثال المذكور ـ زيادة عبد الرزاق ـ فإذا وجدنا أن المحدثين رووى هذا اللفظ ولم يذكروا زيادة فقهية بينما هذا الفقيه زاد لفظة فقهية فتقول اقتبسها من فقهه ولم يقتبسها من الحديث فهنا تكون رواية المحدث الخالص أقوى.

قال المؤلف: ولم يُعلّ.

هذا هو الوصف الثالث للحديث الصحيح أن لا يكون معلّلاً.

العلة: الأصل هي المرض.

اصطلاحاً: هي " وصف يقع في الإسناد أو المتن لا يدركه إلا جِلّة ـ أي خواص ـ المحدثين "، فليست العلة سهلة واضحة، فليست العلة هي الانقطاع فقط، ما يقصدون هذا مع أن الانقطاع جزء من أجزاء العلة لكن هم لا يقصدون هذا، هم يقصدون العلة الخفية.

فمثلاً يقولون فلان لم يسمع من فلان هذا الحديث، أو فلان يخالف هذا الحديث، أو فلان أدخل متناً في متن، فهذا كيف نعرفه.

نضرب مثالاً: لو أتينا لحديث سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ـ كما عند أبي داود ـ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من أدخل فرسا بين فرسين " ـ يعني وهو لا يُؤمن أن يُسْبَق ـ " فليس بقمار، ومن أدخل فرساً بين فرسين وقد أمِنَ أن يُسْبَق فهو قمار " فهذا من حديث السبق.

فهذا إسناد ظاهره الصحة، وسلسلة الزهري هذه رواها البخاري ومسلم ـ رحمهما الله تعالى ـ، وسفيان هذا من رجال مسلم، جاء أبو حاتم الرازي ـ رحمه الله تعالى ـ وأعلّ هذا الحديث بطريقة عجيبة فقال: " لا يشبه أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحسن أحواله أن يكون من كلام سعيد ".

فسفيان ماذا فعل قد تداخلت الأسانيد عليه فأدخل هذا الإسناد لهذا المتن، هذا رأي أبو حاتم الرازي ـ رحمه الله تعالى ـ.

وقال أبو داود ـ رحمه الله تعالى ـ: رواه معمر وشعيب وعقيل، عن الزهري، عن رجال من أهل العلم، وهذا أصح عندنا.

<<  <   >  >>