للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا عهد عن إبراهيم النخعي ـ رحمه الله تعالى ـ أنه كان يقول: " كانوا يكرهون إذا اجتمعوا أن يخرج الرجل أحسن حديثه "، قال الخطيب البغدادي ـ رحمه الله تعالى ـ: عَنى بالأحسن الغريب.

لماذا لا يحدث بها، لأمرين:-

الأول: لأن الناس سيتركونه، فهو سيوقع نفسه في التهمة بأنه يروي أحاديث حسان لا يرويها إلا هو فهو بين أمرين إما أنه يكذب وإما أنه لا يضبط، ولهذا سفيان ـ رحمه الله تعالى ـ كان يقال له: حدثنا بحديث فلان، فيقول " لا أحدثكم بها "، لأنها تهمة عليه ينقص من قدره إذا حدث بهذا الحديث.

الثاني: أنه قد يضر الناس، فليس كل أحد يستطيع أن يعرف النكارة التي في هذا الإسناد.

إذاً هذا معنى للحسن وهو الغريب، وبإمكاننا أن نقول هم يقسمون الغريب في استخدامهم للحسن إلى قسمين:

- أن يكون الحسن في الإسناد، أي حسن لغرابة إسناده، فقد يأتي الحُسن في الإسناد: فيروي أحد عن الزهري حديثا لم يروه غيره عن الزهري، فيقال هذا حسن إسناده أي غريب، كيف يتفرد به فلان عن الزهري بهذا الأصل، أين طلاب الزهري المئات!؟ .

- أن يكون الحسن في المتن، أي حسن لغرابة متنه، فقد يأتي الحسن في المتن، فقد يأتي إسناد بمتن غريب أصله، لم يأت ما يعضده، فلم يأت بهذا الأصل إلا هذا المتن.

المعنى الثالث:

أن " الحسن " بمعنى الضعيف، فهو ليس صحيحاً لكنهم يحتجون به، فيجعلون المتن حجة، لأتهم وجدوا عندهم ما يعضد هذا المتن إما بعموم كتاب أو أحاديث مرسلة أو أحاديث موقوفة، فيقولون هذا حسن لأنه عضد عندنا هذا الأصل الذي نحفظه من الكتاب أو السنة، وإن كان هو إسناداً ضعيفاً، فهو حجة لا صحيح، وهذا يستخدمه الأئمة يضعفون الحديث ويحتجون بمتونها كالإمام أحمد والإمام أبو حاتم الرازي ـ رحمهم الله تعالى ـ وغيرهم.

وتعرفون أن من أصول مذهب أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ الاحتجاج بالحديث الضعيف.

<<  <   >  >>