للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عندئذ اختلف الشراح وأهل المصطلح بتفسير كلام الأئمة ـ أي الذين استخدموا الحسن ـ وإذا قلنا اختلفوا فإننا نعني بذلك أننا لابد أن نعرف ما هو مقصودهم، ولن نرجح الآن نقول إن استخدام فلان هو الصحيح واستخدام فلان هو الغلط، لكن نريد أن نعرف مقصودهم، فلن نحاكمهم على مصطلحاتهم فبعض الناس يأتي ويقول والراجح أن الحسن عند المتقدمين هو كذا، وهذا لا يحق له، لأن البخاري استخدمه في معنى،ولإمام أحمد استخدمه في معنى آخر.

فلو جئنا بكلمة تكلم بها العرب فوجدنا عربياً تكلم بها بهذا المعنى وعربي تكلم بها بهذا المعنى، فليس لي أن أقول الراجح معناها كذا.

مسألة: معاني الحسن عند الأئمة:

استخدم الأئمة الحسن بعدة معانٍ:-

المعنى الأول:

أن " الحسن " بمعنى الحُسْن الذي نحن فيه، بأنه حجة وصحيح، كالإمام الترمذي مثلاً أو الإمام أبو حاتم أو الإمام البخاري ـ رحمهم الله تعالى ـفإنهم استخدموا " الحَسَن " بمعنى الحُسْن، فهو حجة.

المعنى الثاني:

أن "الحسن" بمعنى الغرائب، فليست صحيحة وإنما هي غريبة، ولهذا قيل للإمام شعبة ـ رحمه الله تعالى ـ مالك لا تروي عن عبد الملك بن أبي سليمان العَرْزَمي ـ في طبقة الإمام شعبة ـ فهو حسن الحديث؟ فقال شعبة ـ رحمه الله تعالى ـ: " من حسنها فررت ".

إذاً ما معنى " الحسن" عند شعبة الآن معناه " الغريب" فكيف يتفرد العَرْزَمي بهذه الأصول التي لا يرويها إلا هو وليس في طبقة الحفاظ الكبار.

ومثله ما قاله الإمام أبو حاتم الرازي ـ رحمه الله تعالى ـ في " العلل "، عندما سئل عن حديث فقال: إسناده حسن. فقلت: يحتجّ به؟ فقال: لا.

فالحسن عند الإمام أبو حاتم في هذا الحديث ـ رحمه الله تعالى ـ بمعنى " الغريب ".

وكذلك قوله ـ رحمه الله تعالى ـ في ترجمة عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة: " هو عندي عجيب ضغيف منكر الحديث، ينكر حديثه، ويروي أحاديث مناكير، ويروي أحاديث حساناً ".

<<  <   >  >>