وهنا نكته في قوله " بسم الله ": فبعض الناس يظن أن الاسم هنا خاص، وعندنا قاعدة في علم الأصول: بأن الإضافة تفيد العموم، فقولنا بسم الله: أي أبدأ بأسماء الله كلها متبركا بها، لأن أسماء الله جل وعلا كلها مباركة، فما ذكر عند ذبيحة إلا أصبحت مباركة، ولا ذكر عند شرب إلا أصبح مباركا، ولا ذكر عند جماع إلا أصبح مباركا وهكذا.
الرحمن الرحيم: اسمان مشتقان لله جل وعلا، فالرحمن بمعنى الرحمة العامة، والرحيم بمعنى الرحمة الخاصة أو الواصلة.
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
أبدأ بالحمد مصليا على ... محمد خير نبي أرسلا
أبدأ بالحمد: يقول المؤلف رحمه الله تعالى سأبدأ هذه المنظومة بالحمد أي أحمد الله فالحمد لله ليس لغيره.
والحمد: هو وصف المحمود بالكمال محبة وتعظيما.
مصليا: حال، أي أبدأ وحالي مصليا، والصلاة هي: ثناء الله جل وعلا على عبده في الملأ الأعلى، كما قال أبو العالية ـ رحمه الله تعالى ـ في صحيح البخاري.
والمعروف عند أهل اللغة أن الصلاة بمعنى الرحمة ولهذا قالوا الصلاة من الله بمعنى الرحمة ومن الملائكة بمعنى الاستغفار، ومن المؤمنين بمعنى الدعاء.
وعندنا أن هناك إشكالا في قولهم " الصلاة من المؤمنين بمعنى الدعاء " وهو أن الدعاء لا يتعدى بعلى إلا عند الدعاء عليه فلا تقول مصليا على أي أدعو على ما يأتي وإنما أدعو لِـ، فتتعدى باللام وليست تتعدى بعلى.
هذا إشكال في قولهم بأن الصلاة بمعنى الدعاء وهناك إشكال على قول أبي العالية وهو أن قول أبي العالية قول لا يأتي إلا عن طريق الوحي فكونه يقول أن الصلاة بمعنى الثناء من الله على عبده بالملأ الأعلى، هذا يحتاج إلى دليل توقيفي، وأبو العالية لم ينسبه إلى الرسول، فهذا هو الإشكال وإن كان هذا رجحه بن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ.