للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكيف تعيده يا أمير المؤمنين وقد هَمَّ بقتلك، وأقامت الشرَبة تدور بقصرك أسبوع فأنكر ذلك المستنصر. ثم فكر في ذلك وأطق. فسارع البابلي فأرسل إلى اليازوي من يقتله فبلغ ذلك أم المستنصر، فدخلت على ابنها وسألته عن ذلك فأنكر، وأرسل في الحال إلى البابلي يأمره أن يعيد الذين بعثهم، فتشاغل البابلي عن القاصد بتطويل الكلام معه، إلى أن ظن أن قصاده قضوا لحاجة، وجهز من ديرهم. فوجد الأمر فات وذلك في ثاني عشرين صفر من السنة، وبلغ ذلك المستنصر فاغتم وكذلك أمه.

وقرأت بخط الحافظ قطب الدين ما نصه: وفي صفر سنة خمسين أرسل المستنصر كاتبه طاهراً ومعه حَيْدَرَة السيَّاف إلى تنيس بِضرب عنق اليازوري، فأخرج في الثاني والعشرين منه، فضرب عنقه، ورمى جيفة في مَزْبَلَة، فورد أمر المستنصر بعد ثلاثة أيام بتكفينه وتجهيزه ودفنه، فغسل وصلى عليه ودفن ثم دفنت رأسه في جسده في آخر الشهر.

وكان ينسب لكثرة صمته إلى التيه والصلف وإنما كان ذلك لتفكره في الأمور. وكان كثير الصدقة جزيل الستر، وكان قد رتب لكثير من أهل الخير رواتب تأتيهم على يد وكيل أم المستنصر من عند الوزير، فكانوا يظنون أنه من عندها فلما نكب انقطعت، فعرفوا من أين كانت.

الحسن بن قاسم بن طاهر الرعيني، من المائة السادسة. كان على مذهب العبيديين. ولاه الحسن ابن الحافظ لما ولي الوزارة والده. فلما قتل أبوه عاد ابن ميسر فاستمر إلى أن قتل، وأُعِيد الرعيني، وذلك في المحرم سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. وتولى الحكم بعد صرف ابن ميسر في شوال سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. وفي ولايته الثانية كان ينوب عن بهرام الأرمني وزير الحافظ، وذلك أنه كان ولاه الوزارة فأنكروا عليه، فقال له الخواض من جلسائه إن النصراني لا يكون وزيراً، لأن من وظيفته أن يصعد مع الخليفة المنبر يوم الجمعة، ليزرّ عليه الكِلَّةُ المانعة من النظر إليه حالة الخطبة، فأصر على توليته

<<  <   >  >>