أحدهما: اشتريت من هذا جملاً باثني عشر ديناراً. فخرج به عيب واضح. فقال: ما أرده أبي بحكم حاكم، فلم تحكم بيننا أمس، فماتا لجمل بالمناخ فيكون في كيسي أو كيسه؟ فقال خير: بل في كيسي، لكوني لم أبتَّ الحكم بينكما. ووزن له ثمن الجمل.
وقال ابن لهيعة عن مخرمة بن بكير: إن مكاتبا لهم بزويلة، كان له أولاد أحرار من امرأة حرة فهلك. فاختلفوا في ميراثه فرفع إلى خير فقال: لا ميراث لولده الأحرار حين مات وهو مكاتب. فقدمت المرأة فسألت سعد بن إبراهيم قاضي المدينة فوافقه.
وقال ابن وهب عن الليث: كان خير بن نعيم يقضي لمن توفي عنها زوجها من نساء الغزاة قبل انقضاء الرباط، إذا كانت معه أن تنصرف فتعتد في بيت زوجها الذي خرجت منه. وكان يسمع كلام القبط بلغتهم ويخاطبهم بها، وكذلك شهادة الشهود منهم، ويحكم بشهادتهم.
وقال النسائي: أخبرنا محمد بن برافع حدثنا زيد بن الحباب، أخبرني عيسى ابن عقبة، أخبرني خير بن نعيم، عن أبي الزبير عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(والفجر وليال عشر) . قال: عشر النَّحر. واليوم يوم عرفة. والشفع: يوم النحر. قال أبو سعيد بن يونس: ليس هذا الحديث بمصر. وَمَا رواه عن الليث إلا زيد بن الحباب.
وصرف خير بن نعيم عن القضاء بعبد الرحمن بن سالم. ثم أعيد إلى القضاء في رمضان سنة ثلاث وثلاثين فاستكتب في ولايته غوث بن سلميان، وأذن له أن يقضي بين الناس في باب منزل خير، لما اعتل خير، وبدت به علة الجذام، وثقل عليه كثرة الخصماء.
وكان استعفى أبا عون أمير مصر فلم يجبه إلى ذلك، وكان عبد الملك بن مروان المصري ولاه ديوان الرسائل بعد صرفه عن القضاء، فاتفق أنه أتى فخاصم ابن عم له عنده فجلس على مفرشه، فقال له: قم ساو خصمك. فقال: كأنك وجدت علي أن صيرتك كاتباً بعد القضاء. وقام فلم يخاصم.
وقال ابن لهيعة: كان خير يجيز شهادة الصبيان في الجراح بينهم وشهادة أهل الذمة، اليهود على اليهود، والنصارى على الأنصار، إذا كانوا عدولاً في دينهم. وكان يقضي بين المسلمين في المسجد، ويجلس عل الباب بعد العصر للقضاء بين النصارى.