قال يحيى بن عثمان بن صالح: لما ولَّي السًّرىُّ إبراهيمَ بنَ الجراح القضاءَ أمر بمصلاّه، فوضع في المسجد الجامع، فاجتمع المصريون فألقوه في الطريق، فجلس إبراهيم للحكم في منزله، ولم يعد إلى الجامع.
وقال الطَّحاوي حدثنا علي بن عمرو بن خالد الحراني قال: سمعت أبي يقول ما أصبحت أحداً من القضاة مثل إبراهيم بن الجراح، كنت إذا علمت له
المحضر وقرأته عليه أقام عنده ما شاء الله أن يقيم، حتى ينظر فيه ويرى فيه رأيه، فإذا أراد أن يُمضي ما فيه، دفعه إليَّ لأنشئ له منه سجلاً فأجد بحافته: قال أبو حنيفة كذا، قال ابن أبي ليلى كذا، قال مالك كذا. قال أبو يوسف كذا. وعلى بعضها علامة له كالخط. فأعلم أن اختياره وقع على ذلك القول فأنشئ عليه السِّجل.
وقال عبد الرحمن بنُ عبد الله بن عبد الحَكَم: لم يكن إبراهيم بن الجراح بالمذموم في أول ولايته، حتى قدم عليه ابنه إسحاق من العراق، فتغيّرت حاله وفسَدت أحكامه.
ويقال إن إسحاق أخذ من معاوية بن عبد الله الأسواني ألف دينار حتى قرره أبوه على مسائله. روى ذلك أبو عمر الكندي من طريق أمَنة بن عيسى، أن إبراهيم قال لأبيه: أرى أن تولى علي مسائل المصريين رجلاً منهم وتستريح. فولي معاويةَ فأخذ ابن إبراهيم منه القدر المذكور فلما ولي عيسى بن المنكدر بلغه ذلك، فسجن معاوية الأسواني بسبب ذلك.
وقال أبو الرِّقْراق: انحرف الناس عن عمرو بن خالد، لما كتب لإبراهيم بن الجراح، فأمره إبراهيم يوماً باكتتاب شيء فكتبه. ثم أرسل إليه إبراهيمُ فأمره أن يتوقف عن كتابته. فبحث عمرو بن خالد عن سبب التوقف، فإذا هو من قبل إسحاقَ بن إبراهيم بن الجراح. فقال عمرو: لله علي ألاّ أعود إلى مجلسه.