للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كنتما من الأنذال وإن كنتما كاذبين، فقد جازيتكما عن القبيح حسناً. قال وكان سبب هجائه له أنه مدحه فلم يثبه، ووعده فلم ينجز له، فكتب إليه:

ليتك أدنيتني بواحدة ... تَنْفَعُنِي منك آخر الأَبدِ

تحلف أن لا تبرّني أبداً ... فإنَّ بها برداً علي الكبد

اشْفِ فؤادي مني فإن به ... جرحاً أنا نكأته بيدي

إن كان رزقي لديك فارم به ... في ما ضِغَى حيَّة على رصد

قد عشت دهراً وما أُقَدِّر أن ... أرضى بما قد رضيتُ من أحد

لو كنت حراً كما زعمت أنت وقد ... كَددتني بالمطال لم أعد

صبراً لما قد أسأت بي فإذا ... عُدتُ إلى مثلها فَعُد وَعُدِ

وقال ابن النديم: كان من كبار المعتزلة ممن جرد في إظهار المذهب والذَّب عن أهله، والعناية به. وهو من صنائع يحيى بن أَكْثَم، وهو الذي وصله بالمأمون ثم اتصل بالمعتصم، فكان لا يقطع أمراً دونه، ولم يُر في أبناء جنسه أكرم منه، ولا أنبل ولا أسخى. وكان ابنه أبو الوليد يخلفه في الحكم، وكان حنفيّاً.

وقال أبو تمام يمدح ابن أبي دُوَاد:

لقد أنست مساوئ كلِّ دهر ... محاسنُ أحمدَ بن أبي دواد

وما سافرتُ في الآفاق إلا ... ومن جَدواك راحلتي وزَادي

مُقيمُ الظَّن عندك، والأماني ... وإن قَلِقَتْ ركابي في البلاد

ومما هُجِي به قولُ أبي الحجَّاج الأعرابي:

نكستَ الدين يا ابن أبي دُوَاد ... فأصبح مَن أطاعك في ارتدادِ

زعمتَ كلام ربِّ الناس خَلْقاً ... أمالكَ عند رَبِّك من مَعَاد؟

كلامُ الله أنزلَه بِعِلم ... وأرسلَه إلى خَيْر العِبَاد

ومَن أمسى ببابك مُسْتضيفاً ... كمَن حلّ الفَلاةَ بغير زَاد

لقد ظَرَّفت يا ابن أبي داود ... بزعمك أنني رجلٌ إيادي

<<  <   >  >>