محب الدين التستري الأصل البغدادي، نزيل القاهرة، من المائة التاسعة. ولد في شهر رجب سنة خمس وستين وسبعمائة. واشتغل على أبيه وغيره، وسمع من أبيه، ومن الكِرْماني والسِّنْجَارِي في آخرين. ودخل الشام سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، فسمع بحلب من ابن المُرَحِّل وبدمشق من ابن المحب. واستمر إلى أن دخل الديار المصرية فحج منها وعاد. ثم قدم أبوه فولاه برقوق تدريس الحديث بالظاهرية التي بين القصريين. ثم شغر منصِب تدريس الحنابلة بها فوليه أبوه، واستمر مدرسين بالظاهرية البرقوقية وكان أبوه من أهل الفضل التام والأدب له النظم الفائق والترسل الرائق.
ولما مات استقر القاضي محب الدين في الدرسين، ونُوزع في ذلك فساعده جماعة إلى أن استمر فيهما. ثم ناب فِي الحكم عن القاضي علاء الدين
ابن المغلي الحنبلي الحموي، لما ولي قضاء الحنابلة. واستقل بالقضاء بعد موته في صفر سنة ثمان وعشرين وثمانمائة. ثم صرف بعز الدين القدسي في الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين. ثم أعيد في صفر سنة واحد وثلاثين. واستمر إلى أن مات.
قرأت بخط العز ابن البرهان ابن نصر الله: وافق القاضي محب الدين، عمي موفق الدين، يعني الذي قبله في اسمه واسم أبيه وجده، ومذهبه ومنصبه، وسكنه بالصالحية.
قلت: وفارقه فِي اللقب، وأصل البلد، والنسبة إلى الجد الأعلى، وطول المدة، وسعة العلم، والتبسط في بيع الأوقاف، ونحو ذلك.
وكانت وفاته في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وثمانمائة.