وكأني قمت إلى خزانة الجواهر، فملأت فمها منه جوهراً. قال: ثم استيقظت فما كان إلا يومين، حتى قبض على أبي علي، وأخرجت وأجلست في ذلك المجلس بعينه، ودخل المغاني وفيهم تلك المرأة، وغنت ذلك الغناء بعينه. فقمت إلى خزانة الجوهر، وأخذت الْحُقَّ، وقلت لها: فاتحي فاك، فملأته من الدر.
إسماعيل بن عبد الواحد بن محمد الرَّبعي المقْدِسّي، أبو هاشم، من المائة الرابعة، شافعي.
قال أبو محمد بن زولاق: كان أبو هاشم من الفضلاء النبلاء، يجمع الحفظ والفهم، ويدرس القرآن والعلوم، إلا أنه كان قوي النفس تَيَّاهاً. وكانت ولايته للقضاء في صفر سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، فأقام قدر شهرين. وكان السبب في ذلك أن ابن زَبْر، لما مرض تَكِين بمرض السل، خشي على نفسه من أهل مصر، لما كان عامَلهم به. فكرب ابن زبر إلى تكين، فاستأذنه في السفر فامتنع من الإذن له. فألحّ عليه فلم يقبل. فركب ابن زبر إلى أبي هاشم هذا، وكان قد اختص بالأمير تكين، حتى كان لا يصدر إلى عن رأيه. فسأله أن يقبل عنه نيابة الحكم إلى أن يعود، وأن يتلطف له في الإذن بالسفر. فلم يزل أبو هاشم يكلم الأمير حتى أذن له في ذلك. فتسلم الديوان من ابن زبر، ورجل ابن زبر جميع ما حصله، وتوجه إلى دمشق. فلقي الإخشيد محمد بن طغج، فسأله عن أحوال مصر، فأعلمه أن الأمير على موت. فتصوب الإخشيد للتوجه إلى مصر، واستمر أبو هاشم يحكم بين الناس، ويتقوَّى بالأمير.
وفي ولايته تحدَّث مع الأمير تَكِين فبعث معه صاحب الشُّرَط، فأقام من كان بالجامع العَمْرِي من المالكيين والحنفيين إلا القليل منهم، وهو خمسة: