للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اللَّه بها؟ لما غضب عليه، إذ أن حق السائل على أهل العلم أن يفهم معانى النصوص وقد أمره اللَّه بذلك فقال فى سورة النحل: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) } والجواب عند ذلك بيِّن واضح، إذ أن استواء اللَّه له وجود حقيقى ويعنى فى اللغة العلو والارتفاع، ومن ثم فإن معتقد الإمام مالك رحمه الله الذى يمثل مذهب السلف الصالح هو تفويض العلم بالكيفية إلى اللَّه، أما المعنى فهو معلوم ظاهر من لغة العرب ومراد مفهوم من الآية، ولو قلنا كما قال الخلف من الأشعرية بأن مالكا فوض العلم بالاستواء إلى اللَّه أو فوض معنى الاستواء إلى اللَّه، فإن هذا يماثل قولنا: إن كلام اللَّه الوارد فى قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥) } وما شابهه من نصوص الصفات كلام بلا معنى، وهذا اللازم لم يتنبه له من زعم أن مذهب السلف هو التفويض فى معانى النصوص لجهلهم بحقيقة المذهب السلفى، وإلا لو سألنا أحدهم: هل تعتقد أن كلام اللَّه بلا معنى؟ فماذا يقول؟ وعلى ذلك فالقول بأن الاستواء غير معلوم أو لا نعلمه أو نجهله قول باطل، وكذلك القول بأن معنى الاستواء غير معلوم قول باطل أيضا، فيجب الحذر من تفويض المعنى، أما القول بأن كيفية الاستواء فقط أو الكيفية التى دلت عليها نصوص الصفات فقط غير معلومة أو مجهولة لنا فهو الحق الذي دلت عليه الأدلة.

<<  <   >  >>