٢- تقديم العقل على النقل: المحذور الثانى للقاعدة الثالثة، وجوب الحذر من تقديم العقل على كتاب اللَّه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك ينافى معنى الإسلام والإذعان لرب العالمين، فاللَّه أرسل الوحى وأمرنا بتصديق ما جاء فيه من أخبار وتنفيذ ما جاء فيه من أوامر، وقد أمرنا بتوحيده وإفراده عمن سواه، وأن نقف عند حدود مداركنا، فهو ليس كمثله شئ مما نرى أو نسمع فى عالم الشهادة فقال تعالى فى سورة الإسراء: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا (٣٦) } فإذا تطاول العقل وأخذ يقيس شيئا من عالم الغيب على أحكام عالم الشهادة، كقولهم لو كان على العرش لكان محمولا، أو لو اتصف بالمجئ لفصل القضاء لكان متحركا وكل متحرك محدث، أو لو كانت له يد لكان له أعضاء وجوارح وغير ذلك من أحكام العقل التى يخضع لها المخلوق لا الخالق، إذا فعل العقل ذلك لم يوحد اللَّه فى أوصافه لأن اللَّه لا يقاس على خلقه أبدا لا بقياس تمثيلى ولا بقياس شمولى كما ورد فى مذورات القاعدة الأولى فنحن ما رأيناه وما رأينا له مثيلا، فكيف نظلم أنفسنا ونحاكم أوصافه إلى القوانين التى تحكم أوصاف البشر.