للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: ١٤٤].

ثم خاطبهم وهم بالمدينة باسم الإيمان المتقدِّم لهم في كل ما أمرهم به، أو نهاهم عنه؛ فقال في الأمر: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾ [الحج: ٧٧]، و ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦]، وقال في النهي: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [آل عمران: ١٣٠]، و ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ٩٥]، وعلى هذا كل مخاطبةٍ كانت لهم فيها أمر أو نهي (١) بعد الهجرة.

وإنما سماهم بهذا الاسم بالإقرار (٢) وحده؛ إذ لم يكن هناك فرض غيره، فلما نزلت الشرائع بعد هذا وجبت عليهم وجوب الأول سواء لا فرق بينهما، لأنهما (٣) جميعًا من عند الله، وبأمره وبإيجابه. فلو أنهم عند تحويل القبلة إلى الكعبة أَبَوا أن يصلوا إليها، وتمسَّكوا بذلك الإيمان الذي لزمهم اسمه، والقبلة التي كانوا عليها؛ لم يكن ذلك مغنيًا عنهم شيئًا، ولكان فيه نقضٌ لإقرارهم، لأن الطاعة الأولى ليست بأحقّ باسم الإيمان من الطاعة الثانية، فلما أجابوا الله ورسوله إلى قبول الصلاة كإجابتهم إلى الإقرار؛ صارا جميعًا معًا هما يومئذٍ الإيمان، إذ أُضيفت الصلاة إلى الإقرار.


(١) في الأصل: "نها"، وهو خطأ.
(٢) في الأصل: "الإقرار"، والتصويب من المطبوع.
(٣) في المطبوع: "بينها" و"لأنها" على الإفراد والمراد بالتثنية: الإقرار والشرائع.

<<  <   >  >>