للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والشهيد على أن الصلاة من الإيمان قول الله ﷿: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٤٣]، وإنما نزلت في الذين تُوُفُّوا من أصحاب رسول الله ، وهم على الصلاة إلى بيت المقدس، فسُئل رسول الله فنزلت هذه الآية (١)، فأي شاهد يلتمس على أن الصلاة من الإيمان بعد هذه الآية؟

فلبثوا بذلك بُرْهة من دهرهم، فلما أن داروا إلى الصلاة مسارعةً، وانشرحت لها صدورهم، أنزل الله فرْض الزكاة في إيمانهم إلى ما قبلها، فقال: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣]، وقال: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: ١٠٣]، فلو أنهم ممتنعون من الزكاة عند الإقرار، وأعطَوه ذلك بالألسنة وأقاموا الصلاة، غير أنهم ممتنعون من الزكاة كان ذلك مزيلًا لما قبله، وناقضًا للإقرار، والصلاة، كما كان إباءُ (٢) الصلاة قبل ذلك ناقضًا لما تقدَّم من الإقرار.

والمصدِّق لهذا جهادُ أبي بكر الصديق - رحمة الله عليه - بالمهاجرين والأنصار على منع العرب الزكاة كجهاد رسول الله أهلَ الشِّرك سواء، لا فرق بينها في سفك الدماء، وسبي الذُّرية، واغتنام المال، فإنما كانوا مانعين لها غير جاحدين بها.

ثم كذلك كانت شرائع الإسلام كلها؛ كلما نزلت شريعةٌ صارت مضافةً إلى


(١) كما روى ذلك البخاري (١/ ١٧) (٤٠) عن البراء .
(٢) في الأصل: "إيتاء"، والصواب ما أثبته.

<<  <   >  >>