وأصَارُوهُمْ رعية لهم، وكذلك لما ظهر ذلك ببلاد المشرق سلّط عليهم عساكر التتار فأبادوا أكثر البلاد الشرقية واستولوا عليها، وكذلك في أواخر المائة الثالثة وأول الرابعة لما اشتغل أهل العراق بالفلسفة وعلوم أهل الإلحاد سلط عليهم القرامطه الباطنية فكسروا عسكر الخليفة عدة مرات واستولوا على الحاج واستعرضوهم قتلاً وأسرا واشتدت شوكتهم .. إلى آخره.
وما أشبه الليلة بالبارحة ولا يحتاج هذا إلى زيادة فهو واضح فاتقوا الله فإن في علم نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ضمان صلاح وفلاح وسعادة الدنيا والآخرة لمن عمل به وفيه الكفاية والشفاء من كل داء، وعلوم الفلاسفة والملاحدة هي اليوم ما أرهق النشئ وأفسد عقولهم مع أديانهم.
ولو ما يأتينا من العقوبات إلا تسليط الأعداء علينا لأجل تعلّم لغاتهم فقط كيف بغير ذلك من علومهم الفاسدة، ومما يوضح كلام ابن القيم السابق ما قاله شيخه ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ٢/ ٩٤ قال: فطائفة من الفلاسفة ونحوهم يظنون أن كمال النفس في مجرّد العلم.
وهذا هو الحاصل في تعاليم هذا الزمان ولذلك يحثون على اقتناء الكتب مطلقاً والمطالعة والقراءة مطلقاً، وهذا تشبه بالفلاسفة، فإن النفوس لا تزكوا بمجرد طلب العلم وكثرة العلوم وإنما تزكوا بالعلوم الشرعية إذا أرادت بذلك وجه الله، كما كان سلف هذه الأمة كذلك.