وقد ضمنا في أول هذا الكتاب أن لا نتعلق فيه من الكلام إلا بما لا بد منه في غرضه الذي أجريناه إليه، ومن قبل ذلك نتجاوز الكلام في هذا المعنى ونصير إلى ما هو المقصود المطلوب بكتابنا هذا. على أنه قد يمكن من كان به أدنى مسكة من علم الفلسفة أن يستنبط ويستخرج هذا المعنى من الرسم الذي رسمنا به الغم في أول هذا الكلام، إلا أنا نحن ندع ذلك ونتجاوزه إلى ما هو المطلوب بهذا الكتاب فأقول: إنه لما كان الغم يكدر الفكر والعقل ويؤذي النفس والجسد حق لنا أن نحتال لصرفه ودفعه أو التقليل منه والتضعيف له ما أمكن. وذلك يكون من وجهين، أحدهما بالاحتراس منه قبل حدوثه لئلا يحدث أو يكون ما يحدث أقل ما يمكن، والآخر دفع ما قد حدث ونفيه إما كله وإما أكثر