إنك يا بشر لذو وهم وهمّ ... في زجرك الطير إلى جنب النعم
ابشر بوقع مثل شؤبوب الرهم ... وقطع كفيك وثنى بالقدم
وباللسان بعده وبالاشم ... إن ابن سعدي ذو عذاب ونقم
قال فلما أتى به قال هجوتني ظالماً لي أنت بين قطع لسانك وحبسك في سرب حتى تموت أو قطع يديك ورجليك وتخلية سبيلك قال ثم دخل على أمه جعدى وقد سمعت كلامه فقالت له يا بني مات أبوك فرجوتك لقومك عامة فأصبحت أرجوك لنفسك خاصة وزعمت انك قاطع رجلاً هجاك فمن يمحو ما قاله غيره قال فما أصنع به قالت تكسوه حلتك وتحمله على راحلتك وتأمر له بمئة ناقة قال ففعل ما أمرته به فقالت له أنه الآن يمدحك فيذهب مدحك بهجائه وتحمد مغبة رأيي قال فمدحه بشر فأكثر وكان مما مدحه به قوله حيث يقول:
إلى أوس بن حارثة بن لام ... ليقضي حاجتي ولقد قضاها
فما وطئ الحصى مثل ابن سعدى ... ولا لبس النعال ولا احتذاها
قال إسحاق بن ابراهيم الموصلي حدثني رستم العبدي قال خرجت من مكة زائراً لقبرالنبي صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وآله فاني لبسوق الجحفة إذا جويرية تسوق بعيراً وتترنم بصوت شبج حلو بهذا الشعر:
فيا أيها البيت الذي حيل دونه ... بنا أنت من بيت وأهلك من أهل
بنا أنت من بيت دخولك لذة ... وظلك لو يسطاع بالبارد السهل
ثلاثة أبيات فبيت أحبه ... وبيتان ليسا من هواي ولا شكلي
فقلت لمن هذا الشعر يا جويرية قالت أما ترى تلك الكوة التي عليها الحمراء قلت أراها قالت من هناك نجم الشعر فقالت أفحي قائلة قالت هيهات لو أن لميت أن يرجع لطول غيبته كان ذلك فأعجبني فصاحة لسانها ورقة ألفاظها فقلت لك أبوان فقالت فقدت أكبرهما وأكثرهما وأجلهما ولي أم قلت فأين أمك قالت منك بمرأى ومسمع قال وإذا امرأة تبيع الخرز على ظهر الربق بالجحفة ثم قالت يا أم شأنك فاستمعي