وأقرت المرأة ودعوا لنا بالبركة قال ثم نهضا فاستحييت أن أحمل الجارية مؤنة من الدينار ودفعت إليها آخر وقلت هذا لطيبك بأبي أنت ليس ممن تمس طيباً لرجل إنما أتطيب لنفسي إذا خلوت قلت فاجعلي هذا لغذائنا اليوم قالت اما هذا فنعم فنهضت الجارية وأمرت بإصلاح ما يحتاج اليه ثم عادت وتغذينا وجاءت بأداة وقضيب وقعدت تجاهي ودعت بنبيذ قد أعدته ثم اندفعت تغني بصوت لم أسمع قط مثله فاني آلف بيوت القيان وغيرها منذ ثلاثين سنة وقد سمعت مهدية جارية ابن الساحر وغيرها من الجيدات فما سمعت بمثل ترنمها لأحد فكدت أن أطير سروراً وطروباً وجعلت أربع أن تدنو مني فتأبى إلى أن تغنت بشعر لم أعرفه وهو:
راحوا يصيدون الظباء وإنني ... لأرى تصيدها علي حراماً
أعزز علي بأن أروع شبيهها ... أو أن يذقن على يدي حماماً
فقلت جعلت فداك من تعني بهذا الشعر قالت جماعة اشتركوا فيه معبد وابن سريح وابن عائشة قال اسحاق الناس يغلطون في هذا غلطاً فاحشاً وأكثر المغنين يضيفون الغناء إلى أول من غناه وربما تغنى به الثاني فيزيد على الأول فلا يضاف إلى الثاني وهذا خطأ قال ابن وهب فلما قوى على النبيذ وجاءت المغرب تغنت شيئاً لم أعرف معناه للشقاء الذي كنت فيه ولما كتب على رأسي والهوان الذي أعد لي فغنت:
كأني بالمجرد قد علته ... نعال القوم أو خشب السواري
قلت جعلت فداك لم أفهم هذا الشعر ولا أحسبه مما يغنى به قالت أنا أول من تغنى به وانما هو بيت حائر لا يدري قائله لا أخاله قالت ومعه بيت آخر قلت سريني بأن تغنيه لعلي أفهم قالت ليس هذا وقته وهو آخر ما أتغنى به قالت وجعلت لا أنازعها شيئاً اجلالاً لها واعظاماً فلما أمسينا وصليت المغرب وجاءت العشاء الأخيرة وضعت القضيب فقمت فصليت العشاء وما أدري كم صليت عجلة وتشوقا فلما سلمت قلت تأذنين لي جعلت فداءك في الدنو منك قالت تجرد وذهبت كأنها تريد أن تخلع ثيابها فكدت أن أشق ثيابي من العجلة للخروج منها فتجردت وقمت بين يديها مكفرا لها أي خاضعا متطأطأ قالت