المؤمنين إنها كثيرة الصخب دائمة الذرب مهينة للأهل موذية للبعل مسيئة إلى الجار مظهرة للعار إن رأت خيراً كتمته وإن رأت شراً أذاعته قال فقالت والله لولا مكان أمير المؤمنين وحضور من حضره من المسلمين لرددت عليك بوادر كلامك بنوافذ أقرع كل سهامك وإن كان لا يجمل بالمرأة الحرة أن تشتم بعلاً ولا أن تظهر لأحد جهلاً فقال معاوية عزمت عليك لما أجبته قال فقالت يا أمير المؤمنين ما علمته إلا سؤلاً جهولاً ملحاً بخيلاً إن قال فشر قائل وإن سكت فذو دغائل ليث حين يأمن وثعلب حين يخاف شحيح حين يضاف إن ذكر الجود انقمع لما يعرف من قصر شأنه ولؤم آبائه ضيفه جائع وجاره ضائع لا يحفظ جاراً ولا يحمي ذماراً ولا يدرك ثأراً أكرم الناس عليه من أهانه وأهونهم عليه من أكرمه قال فقال معاوية سبحان الله لما تأتي به هذه المرأة من السجع قال فقال أبو الأسود أصلح الله أمير المؤمنين إنها مطلقة ومن أكثر كلاماً من مطلقة فقال لها معاوية إذا كان رواحاً فتعالي أفصل بينك وبينه بالقضاء قال فلما كان الرواح جاءت ومعها ابنها قد احتضنته فلما رآها أبو الأسود قام إليها لينتزع ابنه منها فقال له معاوية يا أبو الأسود لا تعجل المرأة أن تنطق بحجتها قال يا أمير المؤمنين أنا أحق بحمل ابني منها فقال له معاوية يا أبا الأسود دعها تقل فقال يا أمير المؤمنين حملته قبل أن تحمله ووضعته قبل أن تضعه قال فقالت صدق والله يا أمير المؤمنين حمله خفاً وحملته ثقلاً ووضعه بشهوة ووضعته كرهاً أن بطني لوعاؤه وإن ثديي لسقاؤه وإن حجري لفناؤه قال فقال معاوية سبحان الله لما تأتين به فقال أبو الأسود أنها تقول الأبيات من الشعر فتجيدها قال فقال معاوية أنها قد غلبتك في الكلام فتكلف لها أبياتاً لعلك تغلبها قال فأنشأ أبو الأسود يقول:
مرحباً بالتي تجور علينا ... ثم سهلاً بالحامل المحمول
أغلقت بابها عليّ وقالت ... إن خير النساء ذات البعول