للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثنا المقدمي بإسناده عن الشافعي قالوا دخلت عكرشة بنت الأطش على معاوية وبيدها عكاز في أسفله زج مسقى فسلمت عليه بالخلافة وجلست فقال لها معاوية يا عكرشة الآن صرت أمير المؤمنين قالت نعم إذلا علي حي قال ألستِ صاحبة الكور المسدول والوسيط المشدود والمتقلدة بحمائل السيف وأنت واقفة بين الصفين يوم صفين تقولين " يا أيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إن الجنة دارٌ لا يرحل عنها من قطنها ولا يحزن من سكنها فابتاعوها بدارٍ لا يدوم نعيمها ولا تنصرم همومها كونوا قوماً مستبصرين إن معاوية دلف إليكم بعجم العرب غلف القلوب لا يفقهون الإيمان ولا يدرون ما الحكمة دعاهم بالدنيا فأجابوه واستدعاهم إلى الباطل فلبوه فالله الله عباد الله في دين الله وإياكم والتواكل فإن في ذلك نقص عروة الإسلام وإطفاء نور الإيمان وذهاب السنة وإظهار الباطل هذه بدر الصغرى والعقبة الأخرى قاتلوا يا معشر الأنصار والمهاجرين على بصيرة من دينكم واصبروا على عزيمتكم فكأني بكم غداً قد لقيتم أهل الشام كالحمر النهاقة والبغال الشحاجة تضفع ضفع البر وتروث روث العتاق " انتهت حكاية قولها ثم قال معاوية فوالله لولا قدر الله وما أحب أن يجعل لنا هذا الأمر لقد كان انكفأ على العسكران فما حملك على ذلك قالت يا أمير المؤمنين إن اللبيب إذا كره أمراً لم يحب إعادته قال صدقت اذكري حاجتك قالت يا أمير المؤمنين إن الله قد رد صدقاتنا علينا ورد أموالنا فينا إلا بحقها وأنا قد فقدنا ذلك فما ينعش لنا فقير ولا يجبر لنا كسير فإن كان ذلك عن رأيك فما مثلك من استعان بالخونة ولا استعمل الظالمين قال معاوية يا هذه إنه تنوبنا أمور هي أولى بنا منكم من بحور تنبثق وثغور تنفتق قالت يا سبحان الله ما فرض الله لنا حقاً جعل فيه ضرراً على غيرنا ما جعله لنا وهو علام الغيوب قال معاوية هيهات يا أهل العراق فقهكم ابن أبي طالب فلن تطاقوا ثم أمر لها برد صدقتها وإنصافها وردها مكرمة.

<<  <   >  >>