كأني في روض أنزّه ناظري ... جليل معانيه يدقّ عن الحسِّ
مقَلْت بعيني منه خطّ ابن مُقلة ... وفضّ على سمعي الفصاحة من قُسِّ
وخِفت عليه عين سحر تصيبه ... فصيّرت تعويذي له آية الكُرسي
فأجابه أبو الصلت:
ولم تهد نجوى الروح منه الى الأسى ... ولكن نفخت الرّوح في ساكن الرمس
وما روْضة بالحَزْن جِيدَتْ بواكف ... من المُزْن محجوب به حاجب الشمس
سرى زَجِل الأكناف حتّى تحلّبتْ ... مدامعه بالرِّيِّ في تُرْبها اليَبْس
تمرّ بها ريح الجنوب عليلة ... فتبعث أنفاس الحياة الى النفس
بأبدع من خطّ ولفظ تداعيا ... بدا الحسن في تلك اليراعةِ والطِّرس
كأني من مِيماتِه مترشّف ... حروف شفاه عاطرات اللّمى لُعْسِ
بعثتَ به أُنسي وقد كان غارِباً ... فلا غرو أن أسميتُه باعِثَ الأُنس
وها إنّني عارضته في رَويّةٍ ... كملتمس نَيْل الكواكب باللّمس
وقرأت في مجموع لابن حمديس في المعتمد ابن عباد لما خلع وأخرج:
جرى بك جَدّ بالزّمان عثور ... وجار زمان كنت منه تُجير
لقد أصبحت بيض الظُّبى في غموده ... إناثاً لترك البيض وهي ذكور
ولما رحلتم والندى في أكفّكم ... وقُلْقِل رَضْوَى منكم وثَبير
رفعت لساني بالقيامة قد دنت ... فهذي الجبال الراسيات تطير