الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول -رحمه الله تعالى-:
والأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده: اختلف العلماء في هذه المسألة -في الأمر بالشيء- هل هو عين النهي عن ضده؟ بعد اتفاقهم أن صيغة النهي شيء، وصيغة الأمر شيء مختلف تماماً عنه، فـ (قم) غير (لا تقعد) تماماً؛ فهذا شيء وهذا شيء، لكن هل هو عين النهي عن ضده، هل إذا قيل لك:(قم) هل هو عين النهي عن القعود أو هو غيره؟ أو هو من مقتضياته ومستلزماته؟
المسألة خلافية، فالأمر بالحركة هل هو عين الكف عن ضده -وهو السكون- أو لا؟ الأمر بالثبات في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ} [(٤٥) سورة الأنفال]، هل هو عين النهي عن الفرار؟
يعني لو لم يرد النهي عن الفرار، وأنه من الموبقات، نستفيد النهي من الفرار في هذا اللفظ أو من لفظ الآية، أو هو مما يستلزمه امتثال الأمر في الآية؟
والصواب أن الأمر بالشيء ليس هو عين النهي عن ضده، ولكنه يستلزمه؛ لأن طلب الشيء طلب له بعينه وطلب لما لا يتم إلا به، فلا يتم الثبات المأمور به إلا بعدم الفرار وهكذا، وهذا الذي قرره شيخ الإسلام وابن القيم ورجحه الشنقيطي -رحمه الله-.
والنهي عن الشيء: -عكس هذه المسألة- قرر المصنف بأنه أمر بضده، قال: والنهي عن الشيء أمر بضده: وهذا إذا لم يكن له إلا ضد واحد، وهو نظير ما تقدم في الأمر بالشيء في المسألة السابقة.
نقول: إنه من مقتضياته مستلزماته، إذا لم يكن له إلا ضد واحد، وإذا كان له أضداد متعددة فالنهي عنه أمر لجميع أضداده أو بواحدٍ من أضداده؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، هو أمر بأحد أضداده؛ النهي عن القيام، إذا قيل: لا تقم، هل معنى هذا أنك لا بد أن تقعد؟ أو يسوغ لك أن تضطجع؟ إذا قيل لك: لا تقم، يحصل الامتثال بأحد الأضداد، كذا وإلا لا؟