شرح متن الورقات في أصول الفقه (٩)
أقسام أفعال النبي عليه الصلاة والسلام – تعريف النسخ في اللغة والاصطلاح
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
" .. ما كان من هواجس النفس والحركات البشرية، كتصرف الأعضاء وحركات الجسد، فهذا القسم لا يتعلق به أمر باتباع، ولا نهي عن مخالفة، وليس فيه أسوة، ولكنه يفيد أن مثل ذلك مباح".
يعني: مثل ما ذكرنا في أنه -عليه الصلاة والسلام- لا يفعل محرماً ولا مكروهاً -بل ولا خلاف الأولى- إلا لبيان الجواز.
القسم الثاني: ما لا يتعلق بالعبادات ووضح فيه أمر الجبلة، كالقيام والقعود ونحوهما، فليس فيه تأس ولا به اقتداء، ولكنه يدل على الإباحة عند الجمهور.
ثم قال بعد ذلك: وقد كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- يتتبع مثل هذا ويقتدي به، كما هو معروف عنه، منقول في كتب السنة.
وعرفنا أن ابن عبد البر نقل عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يكفكف دابته؛ لتقع مواطئ أقدامها على مواطئ أقدام دابة النبي عليه الصلاة والسلام.
المقصود أن هذا ليس بمحل للاقتداء، لا سيما إذا جرَّ إلى محظور، فبعض أفعال ابن عمر -رضي الله عنهما- جرت إلى بعض المحظور من غلو بعض الناس في هذه الأماكن التي جلس فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- اتفاقاً من غير قصد ولا تعبد.
القسم الثالث: ما احتمل أن يخرج عن الجبلة إلى التشريع بمواظبته عليه على وجه معروف وهيئة مخصوصة كالأكل والشرب واللبس والنوم، فهذا القسم دون ما ظهر فيه أمر القربة وفوق ما ظهر فيه أمر الجبلة.
عرفنا أن أصل النوم والأكل والشرب، والقيام والقعود، أصلها أنها جبلية، لكن الكيفيات التي واظب عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- وأدَّاها على هيئة مخصوصة.
النبي -عليه الصلاة والسلام- يأكل على هيئة مخصوصة، يشرب على هيئة مخصوصة، يلبس على هيئة مخصوصة، نعم، يقدم اليمين، ينام على جنبه الأيمن، وهكذا الأصل في العمل أنه جبلي، لكن لزوم هذه الهيئة المخصوصة يقربه من القربة والطاعة.