يدخل في خطاب الله تعالى المؤمنون، والساهي والصبي والمجنون غير داخلين في الخطاب، والكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وبما لا تصح إلا به وهو الإسلام؛ لقوله تعالى:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [(٤٢ - ٤٣) سورة المدثر].
[الذي يدخل في الأمر والنهي وما لا يدخل:]
يقول المؤلف: يدخل في خطاب الله تعالى المؤمنون، والساهي والصبي والمجنون: الواو هذه عاطفة، أو استئنافية؟
استئنافية؛ والساهي والصبي والمجنون غير داخلين في الخطاب: هذه الترجمة المراد بها من يتناوله خطاب التكليف بالأمر والنهي ومن لا يتناوله.
قال في قرة العين:"قال ما لا يدخل"، ترجمة: الذي يدخل في الأمر والنهي وما لا يدخل، "قال: ما لا يدخل تنبيهاً على أن من لم يدخل في خطاب التكليف ليس في حكم ذوي العقول"، لماذا؟
لأن العقل هو مناط التكليف، فعبّر بـ (ما) التي هي في الأصل لغير العاقل تشبيهاً لهؤلاء بغير العقلاء.
لو أخر الناظم هذه الترجمة بعد مبحث النهي لأحسن؛ لأنها متعلقة بالأمر والنهي معاً، فتقديمها على النهي كما فعل المصنف مفضول.
يدخل في خطاب الله تعالى التكليفي المؤمنون المكلفون البالغون، من ذكرٍ وأنثى من الأحرار والعبيد في الجملة، فيدخل الإناث في خطاب الذكور بحكم التبع؛ لأن النساء شقائق الرجال، يقول الله -عز وجل- عن مريم -عليها السلام-: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [(١٢) سورة التحريم]، فإذا عُبِّر عنها بجمع الذكور على سبيل الاستقلال فدخولها معهم على سبيل التبعية من باب أولى.
وأما الساهي -وهو الغافل- وفي حكمه الناسي فلا يكلف؛ لأن من شرط التكليف فهم الخطاب لما كلف به، وهذا لا يتم إلا بالانتباه، وأما الصبي فهو غير مكلف سواء كان مميزاً أو غير مميز ما لم يبلغ سن التكليف، وأمره بالعبادات قبل التكليف من باب التمرين على العبادة؛ لحديث:((رفع القلم عن ثلاثة)): وفيهم: ((والصبي حتى يبلغ))، ومثله المجنون للحديث المذكور، ولما ذكرنا من أن مناط التكليف هو العقل، والمجنون لا يعقل.