الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فلا يخفى ما ورد من النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- في مدح العلم ورفع أهله الدرجات في الدنيا والآخرة، والمراد بالعلم الممدوح في النصوص الشرعية هو العلم الشرعي المورث لخشية الله -عز وجل-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(٢٨) سورة فاطر].
هذا هو العلم الممدوح المذكور في نصوص الوحيين، الذي يورث الخشية لله -عز وجل- والذي يبعث على العمل الصالح، فالعلم الذي لا يبعث على العمل في الحقيقة ليس بعلم، فالعلم هو ما أورث العمل الصالح الموصل إلى رضوان الله -عز وجل- هذا هو العلم الممدوح في النصوص، ومن الأمثلة على ذلك: ما جاء في سورة الزمر من قوله -جل وعلا-: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}، بعد ذلكم قال:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(٩) سورة الزمر]، فدل على أن أهل العلم هم الذين يتقون الله -سبحانه وتعالى- ويخشونه ويعملون بعلمهم، أما الذي لا يعمل بما علم هذا في الحقيقة ليس من أهل العلم، وإن حصل على شيءٍ من العلوم والمعارف، لكنه ليس بعالم، ولذا جاء في الحديث -وفيه كلام طويل لأهل العلم-: ((يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله))، فالعدول هم الذين يحملون العلم الشرعي، العدول الذين يعملون بالعلم هم العلماء، هم الذين يحملون العلم، وفي هذا دليل على أن ما يحمله بعض الفساق من العلوم والمعارف لا يسمى علماً على الحقيقة.